مؤسسة مولاي عبد الله الشريف للتنسيق
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
مؤسسة مولاي عبد الله الشريف للتنسيق

منتدى للتواصل وجمع الشمل, وفضاء للتنسيق واحياء التراث.
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  
باسم الله الرحمان الرحيم ﴿ اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾

 

 المهدي الوزاني

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
محمد الطيب الوزاني

محمد الطيب الوزاني


المساهمات : 198
تاريخ التسجيل : 24/03/2018

المهدي الوزاني Empty
مُساهمةموضوع: المهدي الوزاني   المهدي الوزاني Emptyالجمعة 11 يونيو 2021 - 11:43

المهدي الوزاني
معلومات شخصية
تاريخ الميلاد 1849
تاريخ الوفاة 1923

أبو عبد الله محمد المهدي بن محمد بن خضر الحسني الوزاني الفاسي (1266 هـ - 1850م، وزان / 1342 هـ 1923م) . إمام مالكي وشيخ الشيوخ بالمغرب، ومفتي فاس، من أبرز مؤلفاته المعيار الجديد في اثني عشر مجلدا ضخما ومؤلف الكواكب النيارة على شرح ميارة في جزءين والمنح السامية من النوازل الفقهية في أربعة أجزاء وغيرها من المؤلفات.


شيوخه
أخذ بفاس عن الشيخ عبد الله بن الشيخ إدريس الحسني الودغيري الشهير بالبدراوي وعن الشيخ محمد بن المدني كنون وعن الإخوة الثلاثة الشيخ المهدي بن الطالب بن سودة وشقيقه الشيخ عمر وشقيقهما الشيخ أحمد وعن الشيخ أحمد بن أحمد بناني كلا والقاضي الشيخ محمد -فتحا - بن عبد الرحمن العلوي الحسني وعن الشيخ محمد بن محمد المقري


من مؤلفاته
الكواكب النيارة - ط حاشية على شرح ميارة للدر الثمين لميارة الفاسي في جزآن.
المعيار الجديد - ط يعرف بالنوازل الجديدة الكبرى، في أحد عشر جزءا.
المنح السامية من النوازل الفقهية - ط أربعة أجزاء، يعرف بنوازل الوزانى.
حاشية على شرح التاودي للامية الزقاق - ط في القضاء.
حاشية على شرح التاودي لتحفة ابن عاصم- ط في الفقه.
حاشية على شرح المكودى للالفية - ط في النحو.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
محمد الطيب الوزاني

محمد الطيب الوزاني


المساهمات : 198
تاريخ التسجيل : 24/03/2018

المهدي الوزاني Empty
مُساهمةموضوع: رد: المهدي الوزاني   المهدي الوزاني Emptyالجمعة 11 يونيو 2021 - 12:12

المولى سليمان وفتوى فقهية تكشف عن جوانب من سياسته الخارجية.
عبد القادر العافية
العدد 323 جمادى 2 1417/ نونبر 1996

بالرجوع إلى كتب الفقه وكتب النوازل الفقهية نجد مجموعة من الفتاوى تتعلق بالسلطان المولى سليمان رحمه الله، إما صادرة عنه باعتباره هو صاحب الفتوى، أو باعتباره هو المستفتي لعلماء عصره في القضايا التي تكون ذات أهمية، وتشغل بال الناس.
والفتاوى المتعلقة بالمولى سليمان، بعضها في موضوع العبادات والأحوال الشخصية والمعاملات، وبعضها الآخر يتعلق بالجهاد، وسياسة الدولة وعلاقتها بجيرانها، مسلمين، وغير مسلمين.
ومن المعلوم أن السلطان المولى سليمان رحمه الله، كان من كبار علماء عصره، له اطلاع واسع على الفقه الإسلامي ومصنفاته ودواوينه، حيث خصص رحمه الله الكثير من وقته لدراسته وتتبع أحكامه ومسائله في سائر أبوابه وفصوله، وله فيه مساهمات نفيسة، تأليفا، ودراسة، وإفتاء، ومناظرة...
وإلى هذا كان متضلعا في علوم القرآن الكريم قراءة، ورسما، وتجويدا، وكان ملما بعلوم الحديث ومصنفاته، ومصطلحه، وما يتعلق به.
ويلاحظ المتتبع لحياته العلمية أنه رحمه الله كان مهتما بالفقه غاية الاهتمام، والفتاوى المشار إليها منه، أو إليه، نجدها مبثوثة في "كتب النوازل الفقهية"، ولقد أورد الشيخ محمد المهدي الوزاني جملة منها في "نوازله الكبرى" – المعيار الجديد – و"نوازله الصغرى".
وفي هذا البحث أذكر بعضها، وبخاصة ما جاء منها في موضوع له أهمية كبرى، لأنه يتعلق بقضية الثغور المحتلة من طرف الإسبان بشمال المغرب.
ومعلوم أن الاحتلال الإسباني لسبتة ومليلية، وصخرة باديس وجزر الزعفران، كان مما يشغل بال سلاطين المغرب على عهد الدولة العلوية الشريفة، وقد حرر المولى إسماعيل – رحمه الله – ثغر المهدية سنة : 1092 هـ/1681 م، وطنجة سنة : 1095 هـ/1684م، والعرائش سنة : 1100هـ/1688م، وأصيلا سنة : 1102هـ/1691م، وعمل رحمه الله على تحرير سبتة، ومليلية، وما بقي من الجيوب، واستطاع حفيده سيدي محمد بن عبد الله، والد المولى سليمان أن يحرر ثغر البريجة – الجديدة – سنة : 1182هـ/1779م، وعمل بدوره على تحرير سبتة ومليلة.
ومن النوازل المتعلقة بحصار مدينة مليلية ما ورد في "النوازل الصغرى" للشيخ المهدي الوزاني.
وموضوعها: أن سيدي محمد بن عبد الله العلوي سلطان المغرب استفتى شيخ الجماعة السيد التاودي بن سودة أيام حصاره لمليلية أواخر سنة : 11188هـ/1774م، في شأن العقاب الذي أنزله حكام الجزائر بمن شارك مع المغاربة المسلمين في حصار مليلية، قصد تحريرها من يد الإسبان.
وسبب ورود الفتوى، أنه لما عاد المشاركون في الحصار إلى الجزائر أيام حكامها سفكوا دماءهم، وروعوهم في أهلهم وذويهم، بسبب مشاركتهم لإخوانهم المسلمين في تحرير هذا الجزء من بلادهم.
هكذا وعن هذا الموضوع أجاب الشيخ التاودي بن سودة رحمه الله في فتوى طويلة تضمنت مجموعة من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الواردة في فضل الجهاد بما مضمنه ومحتواه، أن فعل ما ذكر من القتل والتنكيل بمن آوى إلى الله من المسلمين وانحاز إلى طائفة المجاهدين لتحصيل غدوة أو روحة في سبيل الله، لا ينبغي أن يعد فاعله من أهل الدين، ولا في جملة المومنين، لما اقتضاه فعله من رقة الديانة وضعف الأمانة، وإهانة ما عظم الله قدره، ورفع على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ذكره... (1)
وعن نفس الموضوع أجاب العلامة الحافظ سيدي علي بن هاشم العراقي الحسيني بفتوى مماثلة في المضمون والمحتوى للفتوى السابقة (2)
فموضوع تحرير الثغور المحتلة من طرف الأجانب، والجهاد في سبيل الله من أجلها كان مما اهتم به ملوك الدولة العلوية الأماجد خلفا عن سلف.
وفي عهد المولى سليمان نجد فتوى هامة تتعلق بموضوع تحرير الثغور، ومن خلال هذه الفتوى ندرك أنه كانت هناك مراسلات بين المولى سليمان، وبين ملك إسبانيا في شأن تحريرها.
ففي "النوازل الكبرى" للشيخ محمد المهدي الوزاني، ورد جواب مفتي الحضرة الإدريسية الشيخ محمد بن إبراهيم الدكالي عن استفتاء تقدم به المولى سليمان لعلماء فاس، ونص الفتوى كما يلي :
"وأجاب العلامة الأوحد أبو عبد الله، سيدي محمد ابن إبراهيم الدكالي مفتي الحضرة الإدريسية في وقته، عن مسألة تظهر من جوابه، ونصه :
لما أمر سيدنا أمير المؤمنين المعتني بإقامة شعائر الدين، أبو الربيع مولانا سليمان العلوي أبقى الله بركته للمسلمين، أن يقيد له ما يتضمن الحكم فيما سأله منه بعض فرق النصارى، من الذين بيننا وبينهم الهدنة، أن يتخلوا عن ثلاثة ثغور مما بأيديهم في عدوتنا، على أن يأذن لهم في شراء عدد من الخيل من المسلمين لاحتياجهم إليها في قتال من يريد التغلب عليهم من جنسهم دمرهم الله تعالى، هل يغتفر ذلك في جنب استخلاص تلك الثغور من أيديهم ليعمرها المسلمون، ويأمنوا أن يأتيهم العدو من قبلها، قيدنا في ذلك بموافقة بعض أصحابنا ما نصه :
"إن الواجب في المسألة الاحتياط، وتوخي المصلحة الراجحة، إذ أن المسألة – لولا اغتنام استخلاص تلك الثغور – المنع الشديد، ومنهم من عبر فيها بالكراهة زمن الهدنة، قال في المدونة : ولا يباع من الحربيين آلة الحرب، من سلاح، وكراع، وسروج وغيرها مما يقوون به في الحرب، من نحاس، وخرثي، وغيره. قال أبو الحسن في التقييد عن محمد بن يونس، قال ابن حبيب : كانوا في الهدنة أو غيرها، أما الطعام فيجوز بيعه منهم في الهدنة عاما، وفي غير الهدنة فلا، وقاله ابن الماجشون وغيره، فيغلظ الإمام في ذلك... قال سحنون : من أهدى للمشركين سلاحا فقد أشرك في دماء المسلمين، وكذلك في بيعه ذلك منهم، قال أبو الحسن : من حمل إليهم الطعام فهو فاسق، ومن باع منهم السلاح فليس بمؤمن، والخرثي بالثاء : الخباء وماعون السفر، عياض : الكراع : الخيل خاصة، وقيل : الدواب كلها، وفي القوانين : إذا قدم أهل الحرب إلى بلادنا جاز الشراء منهم والبيع، إلا أنه لا يباع لهم ما يستعينون به على الحرب، ويرهبون به المسلمين، كالخيل، والسلاح، والأولية، والحرير، والنحاس، ولا يباع منهم من الكسوة إلا ما يقي الحر والبرد، لا ما يتزينون به في الحرب...". (3)
وسارت الفتوى على هذا النسق من تحذير ولي الأمر من أن ينخدع للنصارى فيأخذوا منه ما يتقوون به على حرب المسلمين، إلى أن تقول بعدما أوردت أقوال كثير من العلماء في موضوع الفتوى :
"فإن كان من طلبوه من الخيل ليس فيه كبير تقوية، ولا توهين للمسلمين لقلتها ويسارتها بالنسبة لحال المسلمين دفع حينئذ أثقل الضررين بأيسرهما.
وقد قال في التوضيح بعد أن ذكر الخلاف في المفاداة بالخيل، وآلة الحرب، ما نصه :
وسبب الخلاف تعارض مفسدتين : إحداهما إعانة الكافر بآلة الحرب، وثانيتهما بقاء المسلمين في أيديهم، وينبغي على هذا أن يتبع – أي ولي الأمر – المصلحة الراجحة... وإن كانوا يتركون للمسلمين ما في الثغور المذكورة من عدة وآلة كانت المسألة من قيل ما في المواق عن ابن سراج في الحربي ينزل بأمان، ومعه سلاح يريد أن يبيعه، فيجوز شراره وإبداله بمثله، أو بما هو دونه، والله أعلم". (4)
هذا نص الفتوى الموجهة للمولى سليمان في موضوع بالغ الخطورة، من مفتي الحضرة الإدريسية مع علماء آخرين كما يستفاد من النص.
ومعلوم أن المولى سليمان يعد من جلة العلماء المضلعين في الفقه المالكي، لكنه يريد أن يستنير بفتاوي العلماء الآخرين، وبخاصة منهم مفتي العاصمة العلمية فاس.
ومن خلال قراءة الفتوى نلاحظ أن الجواب موجه لعالم فقيه، يعرف المصطلحات، ويدرك الإحالات، وما بين السطور وما وراءها.
وهذه الفتوى لها أهميتها، لأنها وردت في قضية لم تشر إليها المصادر التاريخية المغربية المتداولة.
ومن هنا جاءت قيمة هذه الفتوى التي تتحدث عن العرض الذي تقدم من الثغور المحتلة.
لكن يبدو أن تزويد إسبانيا في هذا الوقت بالخيل والمواد الغذائية من طرف المغرب، كان سيعرض البلاد للانتقام الفرنسي، أو الإنجليزي، ولذا فالقضية لم تكن سهلة لا من الناحية الشرعية التي يهتم بها السلطان غاية الاهتمام، ولا من الناحية السياسية، حيث كان "نابليون بونابرت" في نهاية القرن الثامن عشر الميلادي يهدد أوربا كلها، ويهدد إسبانيا وغيرها بالاحتلال، بل احتلها بالفعل، ونصب أخاه "دون جوان" عليها، ولذا فتزويد إسبانيا بما تسعين به على حروب عدوها سيكون مدعاة للشر، وتحريكا لنهم الإمبراطور الطموح "نابليون" فسياسة "المولى سليمان" رحمه الله مع الدول الأوربية وهي في أوج نهضتها، تعد من الرصانة بمكان، لأنها سياسة تقدر الظروف، وتراعي الجوانب المختلفة للقضية، فمسألة تزويد إسبانيا بالخيل والزرع والماشية، مقابل التنازل عن ثلاثة من الثغور كما جاء في الفتوى، كانت تخفي رواءها ما لا يدركه كثير من الناس، فاعتبار المولى سليمان، ضيع الفرصة، غير وارد، كما زعم بعض الباحثين انطلاقا من نصوص إسبانية تشير إلى موضوع هذه الفتوى.
والواقع أنه كثيرا ما تخفى على غير الممارسين للأمور حقائق ذات أهمية كبيرة، لأنهم لا يرون الأحداث إلا من زاوية واحدة.
وشبيه بهذا ما حدث في عهد السلطان أحمد المنصور الذهبي، فإنه بعد انتصاره الساحق في (معركة وادي المخازن)، أصبح تحت موجة من الإلحاح على تحرير باقي الثغور المحتلة، بل ألح عليه كثير من الناس، وبخاصة الأندلسيين منهم، على استرجاع بلاد الأندلس، ناسين أن الذي تولى أمر المستعمرات البرتغالية بالمغرب وغيره، هو الإمبراطور " فيليب الثاني" الذي لا تغرب الشمس عن إمبراطوريته، والذي إليه تنسب الفيليبين في أبعد نقطة من الشرق الأقصى، فالظروف لا تكون دائما وأبدا مواتية لاقتناص الفرص.
ولم يكن انتهاء حروب "نابليون" سنة : 1814 م/1230 هـ من مخاوف السلطان "المولى سليمان" تجاه أوربا، بل رأى في التحالف بين الدول الكبرى في القارة الأوربية مؤشرا لسياسة التوسع والتنافس فيما بينها.
وما عزز هذه المخاوف ما قام به الأوربيون بعد انهيار نابليون، من نشاط مشترط لمناهضة القرصنة البحرية بسواحل شمالا إفريقيا، وفي هذا الوقت بالذات شن الإنجليز والهولنديون هجوما مشتركا على مدينة الجزائر سنة 1816 م، وأدرك السلطان أن استمرار السفن المغربية في مخر عباب البحر سيعرض البلاد للخطر، فقرر توقيف عمل الأسطول المغربي، حتى لا يجد الأوربيون ذريعة للهجوم والتسلط على البلاد، لأن السفن المغربية كانت تتعرض للسفن الأوربية في عرض البحر، وترغمها على إفراغ حمولتها حدث ذلك عدة مرات في عهد السلطان المولى سليمان.
يقول الضعيف في "تاريخه"(5):"وكان السلطان المولى سليمان يبعث الرياس من الرباط وسلا في السفن يتعرضون لسفن التي تخرج من آسفي، ومن طيط، ويمنعونهم، ويأتون بسفن النصارى وبالزرع".
"فالمولى سليمان" رحمه الله شجع الجهاد في البحر ضد النصارى، لكنه عندما تيقن أن ضرر ذلك على البلاد أكثر من نفعه، أوقف ذلك، لأن الدول الأوربية أخذت تترصد هذه العمليات، وتحمل المسؤولية عنها للدولة المغربية.
يقول الضعيف :"وفي المحرم – أي سنة 1211 هـ وجه السلطان على المغرب – كذا – أي مبعوثا عنه – ليحاكم مع النصارى على بعض السفن ادعوا أنهم أتوا الصويرة، والدار البيضاء، فتلفوا ودخلوا لغيرهما، كـ: آسفي، وطيط وغيرهما". (6)
وهكذا نرى أن العلاقات مع الأوربيين كان النشاط البحري من عوامل تأزمها، وتعقد المحكامات بسبب ما يعتبرونه تجاوزا من طرف السفن المغربية، ويضطر المغرب لإيفاد المبعوثين عنه للدفاع عن نفسه في مثل هذه المحاكمات.
وفي هذه الفترة بالذات كان التنافس على أشده بين الأوربيين من أجل شراء المواد الغذائية من المغرب، فالطلب الإسباني الذي تعرضت له فتوى فاس كانت تزاحمه طلبات من دول أخرى، ويتميز عنها بكونه أثار مسألة التنازل عن بعض الثغور المحتلة كما سلف.
يقول الضعيف :"كانت السفن تتسوق الزرع من تطوان وطنجة، والعرائش والرباط، والدار البيضاء والصويرة، على إذن مولانا سليمان، ويسوقون أيضا بآسفي على إذن القائم عبد الرحمن بناصر، وبطيط على يد محمد بن العروسي، وأتت هذه السنة – 1211 هـ - الصابة بمراكش، وكلها رفعت لأسفي، وأكادير..". (7)
ويبدو أن جودة المحصول سنة 1211 هـ أغرت الدول الأوربية بالتنافس على شراء الزرع من المغرب، ويبدو واضحا كذلك أن الأطماع الأوربية بدأت منذ هذه الفترة.
ولذا كان "المولى سليمان" رحمه الله حذرا، وكانت سياسته تراعي الظروف والأحوال، فهو تارة يأذن ببيع الزرع، وتارة يمنع ذلك.
يقول الضعيف : وفي 11 ربيع الثاني عام 1211 هـ ورد كتاب السلطان على رباط الفتح بعدم بيع الزرع للنصارى". (Cool
فلا شك أن السياسة الرصينة التي سلكها المولى سليمان رحمه الله مع الدول الأوربية جعلته محترما في نظرهم، وكانت بعض هذه الدول تقدم إليه الهدايا في بعض المناسبات.
ومن ذلك يشير إليه الضعيف في "تاريخه" حيث يقول :
" وفي 28 حجة سنة 1212 هـ/1797 م – ورد قونصو من النصارى، وهو سفير السويد بهدية كبيرة على فاس – للسلطان – بنحو مائة قنطار، وصناديق فيها نفائس الثياب والملف، والكتان، وغير ذلك". (9)
ويقول : "وفي ثاني محرم من سنة 1213 هـ التقى القونصو السويدي بالسلطان المولى سلميان الذي خرج من دار الدبيبغ، والتقاه في باب البوجات، ومكن القونصو السلطان من الهدية". (10)
ويذكر الضعيف بعد ذلك أن السلطان وزع تلك الهدايا على العلماء، والفقهاء ومشايخ الزوايا.
ويتحدث الضعيف عن هدية أخرى من ملك الدنمارك للمولى سليمان، وصلت إلى المغرب يوم 14 صفر سنة 1213 هـ يقول عنها :" كانت تتكون من نحو ثلاثين قنطارا وعشرة أنفاض بالكراريط – عربات – وبازين، ومع الهدية كتاب من ملك الدانمرك محلى بالذهب، ومغشى به، فأخذه السلطان وجعله على سرجه"، (11) ما يدل على أن السلطان تلقى الرسالة والهدية وهو راكب على فرسه.
وهكذا يلاحظ الدارس أن السلطان المولى سليمان رحمه الله عمل كل ما في وسعه ليعرف أطماع الدول الأوربية عن المغرب، وكانت سياسته في هذا المجال سياسة ذكية، تقدر الظروف، وما عليه المغرب من ضعف في الميدان العسكري، وما يعانيه من الطامعين والمشاغبين، وكل ذلك كان يحتاج إلى جهود متواصلة، وحكمة وتبصر...
وبالإضافة إلى وجوب الحذر في العلاقات مع الدول الأوربية كانت من حين لآخر تثار مشاكل مع أتراك الجزائر.
وسيلاحظ الدارس كذلك أن سياسة السلطان المولى سليمان كانت تتسم بالحكمة والرصانة والحزم في التعامل مع الجيران بشرق المغرب، في سنة 1213 هـ/1798 م عمل والي الجزائر (عصمان تركي) ولد الباي محمد الكبير – عمل على السيطرة على وجدة بعدكما كان والده تراجع عنها بطلب من السلطان المولى سليمان، لكن بعد وفاة والده حاول أن يقوم بما تراجع عنه أبوه، فبعث له المولى سليمان برسالة تذكره بتراجع أبيه، والهدنة المبرمة معه، وبأن الأمر يمكن أن يتطور إلى ما لا تحمد عقباه، وبخاصة أن أباه تراجع عن وجدة إلا بعد أن تيقن أن الجيش الذي بعثه المولى سليمان لا قدرة له على محاربته، وكان ذلك سنة 1211 هـ، فتراجع عصمان بدوره كما "تراجع" والده من قبل.. وهذه الأحداث مع أتراك الجزائر تعرض لها الضعيف في "تاريخه" ( ص :303) والناصري في "الاستقصا" ج:8/ ص :104.
وكل هذا يؤكد أن السياسة الخارجية للسلطان المولى سليمان كانت سياسة مبنية على تقدير الظروف، وعلى المعرفة التامة بما يجري في أوروبا وغيرها من دول العالم.
فالمولى سليمان عاصر التطور الكبير الذي عرفته فرنسا على عهد نابليون، واحتلال مصر من طرف القوات الفرنسية، والحركة الوهابية بالجزيرة العربية، والتطلع الأوربي للسيطرة على العالم...
وكل ذلك كان يقتضي من سلطان المغرب أن يكون على قدر كبير من الأناة، والحكمة واليقظة... وقد توفر ذلك في المولى سليمان رحمه الله، حسبما تؤكده النصوص والوثائق التاريخية.

1) – النوازل الصغرى : للشيخ محمد المهدي الوزاني (طبعة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية) 1412 هـ/1992 م/ج:1، ص :411-412.
2) – المصدر نفسه، ص :413.
3) – المعيار الجديد : للشيخ محمد المهدي الوزاني – نوازل الجهاد، ج:2 ص "36، (طبع على الحجر بفاس) في 11 مجلدا.
4) – المصدر نفسه، ص :37.
5) – تاريخ الضعيف : بتحقيق أحمد العماري / ص : 275 (نشر دار المأثورات) بالرباط.
6) – تاريخ الضعيف : بتحقيق الأستاذ أحمد العماري / ص : 275.
7) – المصدر نفسه، ص : 274.
Cool – تاريخ الضعيف : 277.
9) – المصدر نفسه :306.
10) – نفسه : 308
11) – نفس المصدر.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
محمد الطيب الوزاني

محمد الطيب الوزاني


المساهمات : 198
تاريخ التسجيل : 24/03/2018

المهدي الوزاني Empty
مُساهمةموضوع: رد: المهدي الوزاني   المهدي الوزاني Emptyالجمعة 11 يونيو 2021 - 12:18

فتاوى النوازل في القضاء المالكي المغربي
دعوة الحق
205 العدد

من المعلوم ان الاسلام اقر في بداية امره كثيرا مما كان عليه العرب من حياة اجتماعية ومعاملات وعادات ما دامت لا تتنافى مع ما جاء به الاسلام من اركان وقواعد وسنن وأخلاق ... فكان الذين دخلوا في دين الله يتوقفون في بعض الامور ويسارعون الى الرسول الاكرم صلى الله عليه وسلم يسالونه حكم الله فيها ليسيروا على هداه ويتخذوا شريعة الله منهجا في الحياة .. فكان (ص) يجيبهم في معظم الاحوال بالوحي الحاسم من الله اما اقرارا لما كانوا عليه أو تغييرا له وتبديلا، مصداقا لقوله تعالى : « وما كان الله ليضل قوما بعد اذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون..» فكانت الاسئلة تتوالى والآيات تنزل بالجواب الشافي.
- يسألونك ماذا أحل لهم . قل أحل لكم الطيبات ..الآية .
- يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير .. الآية .
- يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما اثم كبير ومنافع للناس .. واثنهما أكبر من نفعهما ..الآية .
- ويسألونك عن اليتامى فيل اصلاح لهم خير.. الآية .
- ويسألونك عن المحيض قل هو أذى .. الآية .
وأحيانا تاتي كلمة الاستفتاء أشعارا بأهمية السؤال : وورد ذلك في آيتين :
يستفتونك قل الله يفتيكم في الدلالة..الآية .
ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن ..
وكان صلى الله عليه وسلم يجيب أحابه عما لا وحي فيه .. واحيانا يبين لهم ان الله قد بين لهم اشياء .. وسكت عن أشياء رحمة بهم غير نسيان..
- سألوه عن ميتة البحر فقال الطهور ماؤه والحل ميتته .
- وسألوه عن مقدار ما يوصون به من أموالهم فقال الثلث كثير..
- وسألوه عن التسعير في الأسواق فقال الله هو المسعر ..
وسألوه عن تأبير النخل فقال انتم ادرى بدنيلكم الى غير ذلك من أجوبة الرسول وفتاويه التي حاول بعضهم ان يحصيها ويؤلف فيها .
وهكذا كان السؤال والاستفتاء في غاية اليسر ايام رسول الله صلى الله عليه وسلم ..يوم كان المجتمع الاسلامي محدود الجوانب، وكانت النزاعات والمشاكل نادرة الوقوع وسريعة الحل بكلمة واحدة من الوحي او من الرسول الاكرم صلوات الله وسلامه عليه - «فلا وربك لا يومنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما ..»
لكن لما فتحت الامصار واتسعت رقعة الاسلام وتلاطمت أمواج العمران ودخلت أمم ذات حضارات في دين الله واستظلت بظله الوارف ولاذت بكنفه الارحب وشريعته الغراء .. وتبع ذلك أفراق الصحابة الاجلاء ورواة الاحاديث ..نتج عن ذلك كله حدوث مشاكل عويصة في البيئات الجديدة ، والمجتمعات المتحضرة .. فكان على حملة الوحي من قراء ورواة ان يستنبطوا لها أصول الشريعة الحلول الملائمة ..جاعلين نصب اعينهم ان لا يخرجوا عن الكتاب والسنة وأن لا يحيدوا ولو قيد أنملة عن روح الاسلام ومقاصده السامية .. الا أن اختلاف المصالح المرعية واختلاف البلدان الشرقية والغربية ادى الى اختلاف في الاحكام والفتاوى .. تبعا لاختلاف البيئات والعادات والتقاليد .. فظهرت اجتهادات وانتشرت آراء تتقارب احيانا وتتباعد أخرى . مما أدى الى ظهور مجتهدين كثيرين يفتي كل واحد منهج في بلده بخلاف ما افتى به زميله في بلد آخر ..بل ان الاختلاف يقع في بعض الاحيان في البلد الواحد وفي المسألة الواحدة وذلك اما لاختلاف الانظار او لكون احدهم يروي الاحاديث والآثار ما لا يرويه الآخر .
وهذا في حد ذاته ليس عيبا في استخراج الاحكام ما دام له وجه او سند شرعي ..فلقد كان عمر يقضي في نازلة بحكم ثم يقضي في نازلة مماثلة بحكم مغاير ويقول : ذلك على ما قضينا وهذا على ما نقضي ..ويقول في رسالته المشهورة : لا يمنعك القضاء قضيته اليوم أن ترجع فيه لرشدك ولكن العيب ان يكون في الامر فوضى وتم البلوى بتضارب الاحكام ويتبع الهوى ويسود الفساد ..ولعل هذا هو ما خشيه اهل الغيرة والدين يوم أن راوا الامصار ومراكز السلطة والخلافة تعج بالمفتين وتكتظ بدوي النحل وأصحاب الاراء الشادة ويشيعون في الناس أسباب الفتنة والتفرقة ويبيتون افكار وتأويلات بعيدة كل البعد عن منهج السنة وجادة الصواب .. ويمكن أن يكون هذا هو ما حمل ابن المقفع الى كتابة رسالته المشهورة الى المنصور العباسي يطلب منه ان يضع نظاما للقضاء والفتوى ليرفع كثرة الخلاف وتضارب الاراء والاحكام قائلا ان ما يحرم بالكوفة يكون جائزا بالحيرةوان الاحكام والفتاوى تتضارب في سائر االمصار وربما كان هذا هو ما جعل المنصور يهم ان يجمع الناس على كتاب الموطأ للامام مالك ليستمدوا منه الفتاوى والاحكام .. لولا انا مالكا عارضه في ذلك وابى ان يفرض كتابه على جميع الناس ..قائلا للخليفة ان الصحابة ومن جاء بعدهم من التابعين تفرقوا في البلاد ولكل اتباع .. ولكل روايات واحاديث ..وكان عمر بن عبد العزيز قبل ذلك حاول ان يجمع الناس على امره بتدوينه من احاديث .. ولم ينجح هو ايضا ..
فاتضح ان رأى مالك هو الصواب على ما فيه من بقاء باب الخلاف مفتوحا .. ولكن يظهر ان شقه الخلاف اخذت تضيق وتتقارب اطرافها بظهور طبقات المجتهدين الكبار .. وخاصة ابا حنيفة واصحابه ومالكا واصحابه ..وبقية رؤساء المذاهب الاخرى .
وذلك ان ابا حنيفة استطاع من ناحيته – ناحية الكوفة وبغداد وما اليهما من أقاليم ..أن يجمع الناس أو أكثهم على مذهبه المبني على اتساع في الوأي بعد كتاب الله وما صح عنده من سنة رسول الله .. كما استطاع مالك من ناحيته – ناحية المدينة المنورة ومكة المكرمة وما اليهما من أقطار أن يجمع الناس على أصول مذهبية المبني على اتساع في رواية الاحاديث والسنن بعد كتاب الله وما تواتر عليه أهل المدينة في أعمال كانوا عليها منذ عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذلك ما وجد عليه مشايخ التابعين الاخذين عن الصحابة الكرام معتمدا في نفس الوقت على ما رآه مستحسنا من أمور الناس وما تركه الشارع من مصالح مرسلا ولم يقيده بنص صريح .. والحق ان هذين المذهبين المتقاربين في اصولهما وقواعدهما والمتباعدين شيئا ما في بيئتهما واسباب قيامهما بيئة العراق المتفتحة وبيئة الحجاز المتحفظة .. هما اللذان وضعا اللبنة الاولى والثانية في صرح البناء الشامخ الذي قامت عليه سائر المذاهب الاخرى وما تفرعت عنه بقية الاجتهادات وخير دليل على ذلك هو ما نعرفه جميعا من ان محمد ابن الحسن الشيباني تلميذ ابي حنيفة لم تكتمل له اسباب الافتاء والتاليف الا بعد ان شد الرحيل الى المدينة وتلمذ لمالك وأخد عنه كتاب الموطأ .. وكذلك محمد بن دريس الشافعي فانه تلمذ للامام مالك أولا ثم صاحب ابي حنيفة فكان مذهبه الجديد خلاصة المذهبين مع اضافات .. وفي ظني ان من نتائج تبحر الشافعي في المذهبين المالكي والحنفي أن تفتق ذهنه عن رسالته العجيبة المعدودة كأعظم ابتكار من ابتكاراته الكثيرة حيث أسس بها من غير مثال سابق علم أصول الفقه الاسلامي كاملا مستوفي ومرتضى من جميع المذاهب .
وفي مجال الفتوى نرى المالكية والحنفية يتسابقان ويكمل بعضهما بعضا أو ان احدهما يسير على خطى الاخر اذ ان الحنفية بحكم تقدم زمانهن التاريخي ولكون أوائلهم احتلوا مناصب رفيعة كانوا اول من وضع قواعد الفتيا وانتهج طريقة وضع الاسئلة المستمدة من الوقائع والاحداث القائمة بالفعل أو التي ينتظر وقوعها ويفترض حدوثها نظريا ..اذ كانت بيئتهم العمرانية تمدهم بسيل من مسائل واقعية او مفترضة .. تتطلب البت السريع والجواب الحاسم ولا سيما ان معظمهم كانوا في مراكزالسلطة والادارة ، وفي ايديهم مناصب القضاء ودار الشرطة وتحصيل الاموال وجباية الخراج والاعشار .. فكانت مؤلفاتهم في معظمها تعالج هذه القضايا في صورة اسئلة مطروحة يقرنونها باجوبة فقهية محررة بنصوصها وتخريجاتها مستندين فيها الى اصول المذهب المقر من كتاب وسنة واجماع وقياس والى الاقوال المروية عن ابي حنيفة وعن أصحابه ..
لذلك كان فقه الاحناف الاوائل مبنيا على ما سموه مسائل الاصول ومسائل النوادر ومسائل الواقعات ، فالاولى مروية عن الامام ابي حنيفة وأصحابه يوسف ومحمد بن الحسن والحقوا بهم زفر والحسن بن زياد وغيرهم .. وهذه المسائل الاولى تضمنتها كتب محمد بن الحسن الستة وهي المبسوط والزيادات و الجامع الصغير والجامع الكبير والتسيير الكبير والتسيير الصغير ... وسميت هذه بظاهر الرواية لتبوتها برواية ثابتة ظاهرة ..والحقوا بها كتاب الكافي للحاكم الشهيد المشروح بكتاب المبسوط للسرخسي ..وأما مسائل النوادر فهي كذلك مروية من أهل الطبقة الاولى الا انها في غير الكتب الستة الآنفة كالكتب المعروفة بالكيسانيات والهارونيات والجرجانيات المسماة بغير ظاهر الرواية لانها لم ترو بروايات ثابتة ..وتليها مسائل الواقعات وهي مسائل استنبطها مجتهدو الاحناف المتأخرون لما سئلوا عنها ولم يجدوا لها رواية عن الاولين ..وبجانب ذلك كانت هناك مجاميع تتضمن فتاوى الاحناف ونوازلهم منها نوازل ابي الليث السمرقندي ومجاميع أخرى جمعها السرخسي في كتاب المحيط الذي جمع فيه مسائل الاصول والنوادر وسائر الفتاوى .. ومع ذلك قال العلماء ان مذهب الاحناف لم ينقح وان مسائله عسيرة المنال :
ذكرنا عمل الاحناف في مقام الفتوى والنوازل لنرتب عليه عمل المالكية الذين قلنا انهم حذوا الاحناف في بناء فقههم على طرح المسائل الواقعية او المتوقعة .
ذلك ان تلامذة مالك رضي الله عنه كانوا يحملون اليه مسائل على النمط المذكور ويطرحونها في مجلسه فكان يجيب عنها بما ثبت عنده وصح من الروايات واذا لم يحضره شيء تحاشى ان يجيب واكتفى بقوله « لا ادري » حسب ما أفاده غير واحد من تلامذته اذ كان رضي الله عنه يكره لاصحابه ان يشغلوا انفسهم بالمسائل النظرية او التي يتوقف عليها الجواب عنها على الامعان في أعمال النظر واللجوء الى الرأي المجرد عن الروايا الصحيحة ..
الا ان أسد الفرات من أصحاب مالك استطاع ان يضع كتابه المعروف « بالاسدية » ويضمه اسئلة وأجوبة استخلصها من أقوال مالك وأقوال بعض اصحابه ، فكان تلامذة مالك يتداولون كتاب الاسدية بالبحث والتمحيص وكان سحنون من الذين نقدوه وراموا النيل منه اذ كان يحمله الى أبي القاسم تلميذ مالك البارز وادرى الناس بمذهبه فكان يراجعه معه مسألة يقر منها أبو القاسم البعض ويمحو البعض ويدون هو وسحنون ما وافق المذهب فى كتاب المدونة ويعدلان عما سواه .. فجلت المدونة محل الاسدية عند الشيوخ المالكية رغم عدم اذعان ابن الفرات لهذا التعديل .. ومنذ ذلك الحين صارت المدونة مرجع المالكية فى مسائل المذهب وفى الفتاوي وفقه النوازل .. وبجانبها ظهرت كتب اخرى على منوالها كالواضحة لعبد المالك بن حبيب والعتبية للعتبي وسواهما .. الا ان مسائل سحنون حازت قصب السبق ونالت وضا معظم الفقهاء .. وكان ابن ابي زيد القيرواني من جملة الذين خدموها واختصروها فى كتابه " التهذيب " وكذلك فعل ابن ابي زيد كل ذلك فى كتابه " النوادر " .. كما ان الاندلسيين هجروا الواضحة الآنفة الذكر واقبلوا على العتبية التي كان ابن رشد من جملة شراحها ..
ونثير بهذا الصدد الى ان للمالكية ترتيبا واصلاحا فى العمل يالاقوال المأثورة عن المة المذهب فقالوا : يفتي بقول مالك فى الموطأ فان لم يوجد فبقوله فى المدونة فان لم يوجد فبقول ابن القاسم فيها والا فبقوله فى غيرها والا فبقول غيره فى المدونة ثم باقوال اصحاب المذهب على ما بينهم من تفاوت فى الرواية والترتيب .. وعللوا ذلك بان مالكا هو امام المذهب وان ابن القاسم اعلم بالمذهب وان ما فى المدونة يقدم على ما فى عيرها لما هي عليه من الصحة والاعتماد ، وعن بعض الشيوخ ان الناس اذا اختلفوا عن مالك فالقول ما قاله ابن القاسم .. وقال الباجي : لا يخرج عن قول ابن القاسم مهما وجد ..
كما نصوا على الكتب التي يجب ان يعتمدها المفتي فى فتواه وهي الموطأ والمنتقي والمدونة وابن يونس والمقدمات والبيان والنوادر .. ونصوا على الشروط التي يجب ان تتوفر فى المفتي والحاكم وهي ان يكون مجتهدا فى اصول الشريعة عارفا بماخذ الاحكام وهو المجتهد المطلق فان عجز عن ذلك فليكن مجتهدا فى مذهبه وهو مجتهد المذهب وان عجز فله ان يفتي بما تحقق عنده من اقوال اصحاب المذهب .. وهو المقلد .
والفرق بين المفتي المجتهد والمقلد هو ان الاول – كما عند الشاطبي – بستنبط الاحكام من اصولها نيابة عن الرسول صلى الله عليه وسلم وان المقلد ناقل فروع الشريعة ويبلغها نيابة عن امامه ويضعها فى موضع التطبيق .
كما عرفوا المفتي بانه المخبر عن حكم الشرع فى المسالة المعروضة عليه لا على وجه الالزام وان القاضي مخبر عن نفس الحكم لكن على وجه الالزام بقسوة السلطان .
وبينوا ان اللجوء الى الاستفتاء واجب على من يجهل حكم الله فى النازلة او من لا يهتدي اليه لقوله تعالى : " فاسالوا اهل الفكر والذكر ان كنتم لا تعلمون " وان المفتي يجب عليه ان لا يكتم ما عنده من علم والا كان تحت وطاة وعبد الله فى الآية : " ان الذين يكتمون ما انزلنا ... الى قوله : اولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون " ...
والشورى فى الحكام واجبة على من بخشى الوقوع فى الخطأ والزلل لقوله تعالى " وشاورهم فى الامر .. وامرهم شورى بينهم .. " وقد كان ذلك سنة متبعة عند السلف منذ عهد الخلفاء الراشدين اذ كان عمر وغيره يستشيرون قيل ان يحكموا ويامرون الولاة والقضاء بها فى سائر الاقطار . وكانت لهم طرائق ستى فى هذه الاستشارات القضائية .. منهم من يطلب الشورى وهو فى مجلسه ومنهم من يلتمسها خارج منزله .. وثبت ان الامويين فى الاندلس كانوا قد اتخدوا دارا للشورى بقوطبة خلال القرن الثالث الهجري وكان اعضاؤها يعينون من جلة العلماء ويحمل كل واحد لقب المشاور ومهمتهم عى ما يظهر النظر فى الاحكام المسترابة وتقديم المشورة اللازمة فى القضايا الكبرى التي ترفع اليهم من قبل الولاة والقضاء فينظرون فيها بمقتضى قواعد المذهب المالكي وقد يخالفون مالكا وياخذون بقول ابن القاسم .. وقال الباحثون ان اعمال هذه الدار لم تتضح الى الآن على وجه الدقة اذ كانت فريدة فى بابها .. وبقي لقب المشاور مستعملا فى الاندلس الى اواخر عهدها .. وقال علماء الاحناف لا باس ان يجلس اهل الفقه مع القاضي فى مجلسه اذا كان غير بصير بطرق القضاء ( لان الحنفية بجيرون عند الضرورة قضاء غير العالم ) غير انه يستشيرهم علانية فى مجله بل يخلو بهم .. وقال فقهاؤنا : اذا لم يجد القاضي من يستفتي فى بلده بعث الى فقهاء آخرين ويؤخر الحكم الى ان بقف على فتواهم وهذه احدى الحالات التي يجوز فيها تاخير صدور الحكم ..
ومن ذلك ما روى عن الامير علي بن يوسف ابن تاسفين من انه عهد الى قضاته ان لا يبنوا فى حكومة كبيرها وصغيرها الا بمحضر اربعة فقهاء واذا اراد مشورتهم خلا بهم فى غرفة المشورة ولا يشركهم فى الحكم .. وكان علي بن يوسف نفسه لا يقضي امرا الا بمحضر عدد معين من الفقهاء .. لذلك سميت دولة المرابطين بدولة الفقهاء ..
وبالجملة فان الاستشارات القضائية لم بنقطع فى الاسلام وانما كانت تاخذ صورا متعددة .. اعلاها ان يحضر ذوو العلم مجلس القاضي ويقدموا له المشورة اللازمة فى جلسة خاصة .. وادناها مذكرات الافتاء التي يقدمها الخصوم او وكلاؤهم ..
وكان المفتون يراعون فى فتاويهم ان لا يحيدوا عن السنن المرسومة للقضاء وان لا يخرجوا عما به الفتوى وبه القضاء من القول الراجع فى المذهب او المشورة او المعمول به قضاء .. ذلك كان الفقهاء يضعون علامة للمفتي وللقاضي عند كل قول مسطور فى الكتب المعتمدة فى المذهب كان يقول : وبه الفتوى ، او عليه العمل – او الشهور او الراجح او الاصح والاظهر .. والمختار ..
وبعد فان الفقه الاسلامي المدون فى الامهات يحتاج عند تطبيقه على الوقائع والاحداث الى اناس مهرة ذوي دربة كافية ومعرفة تامة يقدرون معها على استخراج النصوص من مظاتها والاهتداء الى الاقوال الراجحة المتعين الاخذ بها وتطبيقها على النازلة المعروضة .. فاذا كان القاضي هو الباني المؤسس للاحكام فان المفتي هو الذي يمده بمواد البناء .. وهما معا معدودان عند العلماء من جملة القائمين بمهام الخطط الشرعية التي لا بد منها للمجتمع فىالنظام الاسلامي وهي خطط معدودة تقل وتكثر وتزداد وتنقص بحب ما يقتضيه العمران واحوال المجتمع .. وهي احيانا ست خطط واحيانا اكثر واحيانا اقل .. وقد عد اكثر المهتمين بالامر خطة الفتيا من جملتها بجانب خطة القضاء والشرطة والحبة وغيرها .. من خطط السلطة القائمة فى البلد .
فاذا كانت الفتوى بهذا الاعتبار فاتها تحتاج الى اطار خاص من ذوي الكفاءة والاختصاص والى من يقوم عليها ويخوطها بسياج يقيها من المتطفلين والمسنغلين ..
والاصل فى الفتوى عند المحققين ان تكون مرسلة بمعنى ان لا تقيد بقيود بنظيمية تمنع من به اهلية من ولوج رحابها الا برخصة او بتعيين من السلطة القائمة .. كما هو الشان فى معظم بلاد الشرق الاسلامي حيث يعتبر منصب الاقتاء وظيفة اميرية لها قوانينها وضوابطها .. واما فى مغربنا هذا فانها بقيت مرسلة منذ كانت برعاها الولاة ويحوطها الامام بالاشراف عليها من بعيد دون تقييد ولا تحجير .. وكلنا نعرف ما ذا كان يعني لقد مفتي فاس او مفتي مواكش اذا اطلق سابقا عندنا على عالم من العلماء الكبار فهو تشريف اكثر مما هو تكليف ..
لذلك ازدهرت الفتيا فى المغرب واقبل عليها كل من انس من نفسه مقدرة او رآه الناس اهلا لها ويقال انها كانت مزرعة المحامين لكثرة من نبغ فيها منهم .. هذا صحيح يشهد له ما كانت عليه القيروان وفاس وقرطبة ومراكش من كثرة الفقهاء المنكبين على اصول التشريع وفروع المذهب حيث اشبعوها درسا وبحثا وتعليقا واغنوها تاليفا وتدوينا .. وكان لهم شاو لا يدرك فى مضمار الفتوى .. لقد اكثروا فيه من التاليف والمجاميع .. وتفننوا وتنوعوا .. واسهبوا واطنبوا واكثروا واسرفوا .. حتى ان الباحث يحار ويقف مشدوها امام هذا التراث الضخم الذي خلده الاسلاف وسجلوه ودونوه فى مئات الاسفار والمجلدات طيلة قرون وقرون .. فكان مما يثير الاعجاب والاكبار انهم خصوا شؤون الفتوى والموازل بعناية واهتمام تفوق كل وصف وتتجاوز كل تقدير .. حتى ان الفقه المالكي التطبيقي العلمي تجده كله ما زال حيا يرزق بين طيات كتب النوازل .. وعلى السنة واقلام المفتين البارزين مما جاز معه القول بان الفقه المالكي لم يمت ولم يقبر كما ينوهم البعض بل انه ما زال قلبه ينبض بالحياة ويفوز قوة ونشاطا تجده فى الوقائع والنوازل اكثر مما تجده فى الامهات الاخرى .. ان كلمة " سئل ... فاجاب .. " التي تاتي فى صدر الفتاوي لا تعني واقعة بعينها بل تعني ان فقه المسالة هو الواقع بعينه والحارس اليقظ الامين وانه شرع الله الي السرمدي الذي لا ياتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه .. وان عبارة " به العمل " الذي تقترن باقوال فقهاء المذهب لا تعني فقط العمل الوقتي الظرفى بذلك القول الفقهي المحكى فانها بعني ايضا وجوب العمل به دواما واستمرارا ابد الدهر ..
ان فقهاءنا الاكرمين – القضاة منهم والمقتين – عرفوا الداء وعرفوا الدواء ووضعوا العهن فى موضع النقب – على حد التعبير الادبي .. فانهم نقلوا نصوص الفقه النظرية الى مواقع العمل بها .. تطبيقا وتنفيدا .. فى المحاكم وفى الاسواق وفى البيوت وفى الطرقات وبيوت المال والتجارة والصناعة والزراعة والملاحة وميادين القتال والجهاد .. الى غير ذلك من مواقع الحياة ومعترك البشر .. فهناك ترى الفقهاء يصولون ويجولون .. واصحاب النوازل يعالجون المشاكل ويقدمون لها الحلول هكذا تشعر وانت تتصفح كتب النوازل انك ترى الفقيه المفتي يستعرض الاقوال ويحاول ان يستخرج منها عناصر التركيبة التي يقدمها بنفسه للسائل او يقدمها للقاضي علاجا ناجعا للمشاكل وقطعا لدابر الشكوى والفتن وحسما لداء النزاع .
انني تتبعت شخصيا وباستقراء هذه المجاميع الكبرى والصغرى التي تضمنت فتاوي الاقدمين والمتاخرين ورمت عدها واحصاءها واعطاء فكرة عامة ومجملة عنها وعن محتوياتها فوجدتني امام بحر متلاطم .. عميق الغور لا يصل البصر الى مداه ..
فارتد بصري حاسرا .. ووقف فكري حائرا .. ماذا اقدم وماذا اخر ..
فالذي يمكن قوله فى هذه العجالة وفى هذه الفرصة الثمينة هو ان عندنا فى المغرب – والحمد لله – ثروة هائلة من كنوز الفقه المالكي لا يجهل احد من الباحثين قيمتها واهميتها الكبرى .. وان معظمها ما زال مركوما فى الخزائن العامة والخاصة يرقد فى الصناديق وينام على الوفوف .. بنتظر همما عالية وجنودا متطوعين يقتحمون تلك المدخرات وينفضون عنها غبار الاهمال والنسيان وينقذونه من آفاق التلاشي والضياع .. ويعملون على ابرازها ونشرها فى حلة تليق بها حتى تكون فى متناول الجميع وتحت انظار الباحثين المهتمين ..
ولقد ساقتني الاقدار يوما على الصدفة الى النزول فى احد السراديب واحتفظ الآن بتعيين موقعه – فرايت به من جملة ما رايت مجلدات ضخمة مصفوفة على رفوف هناك فحرزت عددها بما يفوق الخمسين مجلدا .. وعلمت ممن كان هناك انها تحتوي على نوازل وقضايا .. وان الاحداث قد تجاوزتها وان اصحابها القائمين عليها قد انصرفوا عنها الى مهام اخرى جديدة فركموها هناك على انها من مخلفات الماضي .. ولم املك امام ما رايت الا ان غصصت بريقي وطويت كشحي .. ومضيت لطياتي كما مضى الآخرون ..
كما ان الاقدار ساقتني الى خزائن عامة وزرت قسم المخطوطات فيها وطلبت من القيم عليها ان يمدني بجزازات القسم الفقهي وبالاخص كتب النوازال .. وكنت انوي ان اقف على ما اريد فى ذلك الصباح او مع مسائه ان اقتضى الحال .. ولكنني قضيت هناك خمسة ايام كاملة من صباحها الى مسائها وانا اتصفح فقط كتب النوازل الموجودة على الرفوف او المسطورة ضمن فهارس الخزائن الاخرى .. اذا كان من حسن الحظ ان وجدت بتلك الخزائة معظم فهارس الخزائن الاخرى ثم انتهت ايامي الخمسة وانا لم اتمكن من تصفح سائر كتب الموازل التي وقفت عليها هناك .. ولا انني وصلت الى احصاء ما وجدت منها فى الفهارس الاخرى .. واجدني هنا فى غنى عن تقديم كشف شامل لما يحتويه الجزائن المغربية وغيرها من كتب الفتاوي والنوازل المتعلقة بالمذهب المالكي .. اذ ان معظم علمائنا واساتذتنا المهتمين بتراثنا العلمي عموما والفقهي خصوصا لا يحتاجون الى من يقدم لهم احصاء بكتب النوازل التي خلفها الاسلاف ولا انهم يتوقفون على من يدلهم عليها ولا على محتوياتها فكلهم تبارك الله على علم تام بالموضوع .
وانما اشير فى الاخير الى المجهود العظيم الذي كان قد بذل فى فترة منذ اواخر القرن الماضي وفاتحة هذا القرن .. ذلك المجهود العلمي المشكور الذي تمثل فى احداث اول مطبعة حجرية بفاس العامرة – تلك المطبعة المتواضعة والعظيمة فى آن واحد التي اخرجت للناس جملة هامة من الكتب القيمة .. وفى مقدمتها طائفة من كتب النوازل .. ولعل اعظمها واهمها كتاب المعيار المشهور والمعروف باسم " المعيار المغرب والجامع المعرب عن فتاوي اهل افريقيا والاندلس والمغرب " لصاحبه الشيخ الامام احمد بن يحيى الونشريسي التلمساني الفاسي قرارا المتوفى عام 914 ه – 1508 م المطبوع على الحجر بفاس فى اثنى عشر مجلدا . ونوازل سيدي المهدي الوزاني الكبرى المعروفة بالمعيار الجديد – والصغرى المطبوعة فى اربعة اجزاء على الحجر بفاس فى حياته اذ لم يتوف الا فى 1342 هـ 1923 م .
وكذلك كتاب الدر النير على اجوبة ابي الحسن الصغير التي جمعها تلميذه ابو القاسم ابراهيم ابن عبد الرحمن التسولي التازي وذيل عليها ابو سالم ابراهيم بن هلال بن علي الصنهاجي السجلماسي .. المطبوع ايضا على الحجر بفاس .
والاجوبة الكبرى والصغرى لسيدي عبد القادر بن علي الفاسي المطبوعة على الحجر بفاس .
واجوبة سيدي محمد بن ناصر الدرعي المعروفة بالاجوبة الناصرية التي جمعها محمد بن ابي القاسم الصنهاجي وطبعت على الحجر بفاس .
واجوبة الشيخ سيدي محمد بن المدني جنون المستاري الفاسي المطبوعة على الحجر كذلك .
والاشارات الحسان المرفوعة الى حبر فاس وتلمسان ( النشريسي ) لمحمد بن احمد ابن غزي المكناسي المطبوعة ضمن ازهار الرياض للمقري .
ونوازل العلمي وهو ابو الحسن علي بن عيسى بن علي الحسني العلمي الشفشاوني المتوفى عام 1126 ه – 1714 م المطبوعة مرارا على الحجر بفاس .
والاحكام فى تمييز الفتاوي من الاحكام وتصرف القاضي والامام لابن العباس احمد بن ادريس ابن عبد الرحمن القرافي المصري المالكي المطبوعة بمصر والتي تعد مرجعا هاما لدى المغاربة .
المنهج المنتخب الى اصول المذهب لعلي بن قاسم بن محمد الزقاق الفاسي المتوفى عام 912 هـ – 1506 م وهو ارجوزة فى 437 بيتا طبعت على الحجر بفاس .
شرح المنهج المنتخب الى قواعد المذهب لاحمد بن علي المنجور الفاسي المتوفى عام 912 هـ – 1506 م وهو ارجوزة فى 437 بيتا طبعت على الحجر بفاس .
شرح المنهج المنتخب الى قواعد المذهب لاحمد بن علي المنجور الفاسي المتوفى عام 995 هـ – 1587 م المطبوع على الحجر بفاس .
جواب على سؤال الامير عبد القادر الجزائري يتعلق بجهاد القرنسيس المحتلين للجزائر .. لابي الحسن علي بن عبد السلام النسولي وكتبه بامر من السلطان المولى عبد الرحمن بن هشام .. وطبع ضمن اجوبة النسولي على الحجر بفاس كما طبع بوجدة ضمن مختصر لكتاب تحفة الزائر ..
النوازل الهلالية لابي اسحاق ابراهيم ابن هلال الصنهاجي السجلماسي المتوفى عام 903 هـ – 1497 م طبعت على الحجر بفاس ورتبها سيدي علي ابن احمد الجزولي الجلالي .
نوازل المسناوي وهو محمد بن المهدي المسناوي البكري المتوفى عام 1136 هـ – 1724 م مطبوعة على الحجر بفاس فى سفر متوسط .
نوازل بردلة وهو قاضي الجماعة بفاس ابو عبد العزيز بن احمد بردلة . الاندلسي ثم الفاسي المتوفى عام 1133 ه جمعها فى حياته احمد بن احمد الخياطي الدكالي وطبعت على الحجر بفاس فى سفر متوسط .
نوازل العباسي وهو ابو العباس احمد ابن محمد بن محمد بن سعيد العباسي السملالي السوسي المتوفى عام 1152 ه جمعها تلميذه احمد بن ابراهيم ابن يعقوب السملالي وطبعت على الحجر بفاس فى جزئين .
نوازل الشيخ التاودي ابن سودة طبعت على الحجر بفاس .
نوازل محمد بن الحسن المجاسي قاضي فاس المتوفى عام 1103 هـ 1691 م طبعت على الحجر بفاس .
ارجوزة فيما تجب به الفتوى وما يعتمد من الكتب لمحمد النابغة الشنجيطي المتوفى عام 1282 هـ – 1865 م طبعت الملكية بفاس .
فتاوي الفقه الوهوني التطواني المطبوع بعضها اخيرا بتطوان .
معيار التحقيق فى معنى الفتوى والتوثيق للمفتي حمادى جبرو ابو الفضل المطبوع بالدار البيضاء .
ذكرت هذه القائمة بكتب النوازل والفتاوى التي قامت المطبعة الحجرية بفاس وبعض المطابع الاخرى باخراجها ونشرها فى نطاق ضيق وبوسائل جد محدودة .. مما جعل الطبعات الآن فى حكم المخطوطات والنوادر التي يعز وجودها ويتعذر الاستفادة منها .. فكانت بذلك ما زالت تحتاج الى من يطبعها وينشرها من جديد . (1)
وتحت يدي قائمة اخرى تتضمن سائر كتب النوازل التي وقفت عليها وفيها ما يربو على خمسين مؤلفا انتقينها من نحو مائة مخطوطات باسمائها وامكنة وجودها احتفظ بها الآن واقدمها فى فرصة اخرى عند الحاجة ..
واذا جاز ان اضيف شيئا فهو ان كتب النوازل ليست ذخيرة فقهية فحسب بل هي سجل شامل لسائر مناحي الحياة الاجتماعية والاقتصادية والتاريخية والعمرانية وحتى العسكرية والسياسية بحيث يجد كل باحث مبتغاه فيها وتمده بمعلومات فلما يجدها فى غيرها وحتى الغرائب فانه بجدها بين طياتها ..
وعلى المثال والتنظير .. نجد صاحب المعيار اتى يفتوى حول حكم ذبائح اهل الكتاب .. واخرى عن حكم الايمان باللغات الاعجمية وان الاعتبار بالمعنى لا بالالفاظ .. وعن حكم الذميين اذا حاربوا .. وعن حكم من غلب النصارى على بلده ولم بهاجر ، وعن وقيعة والد الحافظ التادلي مع الشيخ ابي يعزى ، وعن قصة يهود توات من قصور صحراء المغرب فى شان احداثهم بيعة هناك وقد تداول فيها علماء الوقت بما يفيد منعهم لعدم شرط يسمح لهم بذلك ، وعن قضايا الصرف وتبادل العملات وسك المقود .. واورد سؤال ابي الحسن المريني علماء وقته عن حكم اتخاذ ركاب الخيل من خالص الذهب والفضة ، وابحاثا فى الحوالة والاحالة والمديان ومسائل فى المياه والمرافق وفيما يسمى الآن بالثلوث وحماية الطبيعة ، وتحقيقا فيما يروي من ان الله بيعث كل مائة سنة لهذه الامة من يجدد لها امر دينها ، وجوابا عمن يحتال فى تضييع المغارم المخزنية ويتملص من اداء واجبات الدولة .. وابحانا فى التعرض للناس فى الطرقات بالشعوذة وضروب السحر والتداوي وضرب الفال والنظر فى الكف .. وكذلك ما احدثه البعض من الاحتفال بليلة الميلاد وما يفعلونه فى ليلة الحاكوزة .. الى غير ذلك من الوقائع التي ما زالت تشغل بال الناس .
ونجد سيدي المهدي الوزاني يتعرض هو للآخر لكثير من قضايا وقته وهو من المتأخرين او المعاصرين ومنها حكم شرب القهوة والشاي والتبغ وطابة – وله تاليف فى ذلك .. كما ذكر ان الهلال بثبت بالبارود وبالنار وبالتليغراف مثلها يثبت بالبيئة الشرعية وان ما يصل للحلق والمعدة من غير طريق الفم عند الصيام انما فيه القضاء ولو عمدا ، وانه لا شئ على من تبخر بالعود او غيره او شم وائحة فى رمضان ، وان طعام اهل الكتاب وذبائحهم حلال طيب ، وان الطلاق باليمين الحرام بلزم منه طلقة واحدة ، وان الطلاق بلفظ الثلاث طلقة واحدة .. واورد سؤالا وجه الى عملاء فاس من الحضرة العالية حول جلب طابة لما اراد السلطان يسرح جلبها ، وسؤالا آخر منه وسق الماشية والحبوب الى بلاد النصارى .. واورد رسالة ابي على اليوسي الشهيرة الى المولى اسماعيل ، وكذلك سؤال الامير الى علماء فاس عن حكم صلح تطوان ودفع 20 مليون ريال عن افتدائها فاجاب بالضريح الادريسي مولاي احمد العراقي بعدم الجواز لما فيه من توهين المسلمين .. واورد مسائل من السلطان سيدي محمد بن عبد الله الى العلماء حول املاك مخزنية واخرى حبسية ها يرد بيعها وهل بعوض بقيمتها.. ومسالة من المولى سليمان فى شان مرابطي الوقت يستودعهم العمال الظلمة الاموال المغصوية .. وفيه ان تبرعات الناس لمن تولى عليهم بجب ردها .. الى آخر .. وهناك اجوبة في مواضيع معينة كاجوبة الونشريسي واجوبة ابي السعود الفاسي واجوبة الهوزالي واجوبة الرهوني واجوبة السكتاني واجوبة الزياني ... وكذلك اجوبة فى مسائل خاصة كجواب ابي حفص الفاسي فى حكم استعانة السلطان بالكفار فى امور الجهاد ، وكرسالة صرف الهمة الى تحقيق معنى الذمة للمسناوي ، ورسالة فى الحسبة لابن سعد المزكلدي ، ورسالة فى الامامة العظمى لابي السعود الفاسي ورسالة القول الكاشف فى حكم الاستنابة فى الوظائف للمسناوي وتقييد فى الموازين والمكوس لابي زيد الفاسي ، ورسالة بحفة القضاة فى بعض مسائل الرعاة لابي العباس الملوي ، ورسالة وفع الالتباس فى شركة الخماس لابن رحال .. وعيرها مما يتناول البحث فى مناحي الحياة العامة .
هذا وانني اذا استرسلت فى الموضوع فانني لا اكاد انتهي ...

(1) وتصدر عن وزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية قريبا طبعة جديدة من كتاب المعيار للونشريسي ، وكذلك نوازل العلمي – ( دعوة الحق ) .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
محمد الطيب الوزاني

محمد الطيب الوزاني


المساهمات : 198
تاريخ التسجيل : 24/03/2018

المهدي الوزاني Empty
مُساهمةموضوع: رد: المهدي الوزاني   المهدي الوزاني Emptyالجمعة 11 يونيو 2021 - 12:24

لمَهْدِي الوَزَّاني

(1266 - 1342 هـ = 1850 - 1923 م)

محمد المهدي بن محمد بن محمد بن خضر بن قاسم العمراني الوزاني الفاسي، أبو عيسى: مفتي فاس وفقيهها في عصره. من المالكية. أصله من قبيلة (مصمودة) من جبال غمارة، ونسبته إلى عمران بن يزيد بن صفوان جد العمرانيين الذين في غمارة. مولده بوزان ووفاته بفاس. له كتب، منها (الكواكب النيارة - ط) حاشية على شرح ميارة للدر الثمين، جزآن، و (المعيار الجديد - ط) يعرف بالنوازل الجديدة الكبرى، في أحد عشر جزءا، و (المنح السامية من النوازل الفقهية - ط) أربعة أجزاء، يعرف بنوازل الوزاني، ورسالة في (الرد على الشيخ محمد عبده - ط) في مسألة التوسل، و (حاشية على شرح التاودي للامية الزقاق - ط) في القضاء، و (حاشية على شرح التاودي لتحفة ابن عاصم - ط) في الفقه، و (حاشية على شرح المكودي للألفية - ط) في النحو، و (السيف المسلول باليد اليمنى، في الرد على ابن مهنى - ط) في دفع المذمة عن أهل فاس، غير ذلك (2) .

المَهْدي مَتْجِنوش

(1278 - 1344 هـ = 1861 - 1926 م)

محمد المهدي بن عبد السلام بن المعطي متجنوش، أبو عيسى: عالم بالحساب والقراآت.

أندلسيّ الأصل. مولده ووفاته في رباط الفتح. له

(1) تقويم دار العلوم 272 وزكي مبارك: في البلاغ 3 رجب 1353 والمقتطف 68: 625 وانظر مرآة العصر 2: 468.
(2) معجم الشيوخ 2: 48 وفهرس المؤلفين 291 و 292 ومعجم المطبوعات 1915 - 17 وشجرة النور 435.
ـــــ
ــــــ من مظاهر التسامح ونبذ العنف والتطرف في المذهب المال كي ـــــــ مجلة أصول الدين ـــــــ
411
من مظاهر التسامح ونبذ العنف والتطرف في المذهب المال كي
"من خلال أدب النوازل"
 د/ حميد أيت الحيان
المقدمة:
تهدف هذه الدراسة إلى إبراز دور الفقه المال كي بأصوله المتنوعة، والموسومة
بخصائص الواقعية، والوسطية، ومراعاة المقاصد والمآلات، وسد الذرائع، والالتفات إلى
المصالح، ومراعاة الخلاف، مسهمة في نبذ العنف والتطرف، ونشر قيم التعايش
والتسامح.
ولأجل هذه الغاية آثرت العمل على التراث الفقهي النوازلي للمغرب الإسلامي
من خلال المعيارين: المعيار المعرب والجامع المغرب عن فتاوى أهل
)1 )إفريقية والأندلس والمغرب للونشريسي
، والمعيار الجديد الجامع المعرب
)2 )عن فتاوى المتأخرين من علماء المغرب للمهدي الوزاني
، التي لا يخفى
على الباحث أهميتها الزمانية والمكانية، وما تزخر به من قضايا فقهية، تحمل
في طياتها معلومات دفينة عن الحالة الاجتماعية والاقتصادية والعلمية
والثقافية، عن أزمنة متعاقبة في المغرب الإسلامي.
بل إن كتب الفتاوى والنوازل حظيت باهتمام متزايد؛ "لما توفره من
إمكانات لسد بعض الثغرات أو إزاحة شيء من الغموض الذي يلف
)3 )معرفتنا بتاريخ المجتمع المغربي"
.

 محاضر بجامعة القاضي عياض، المغرب.
(1 (أبو العباس أحمد بن يحيى بن محمد الونشريسي التلمساني الأصل والمنشأ، الفاسي الدار والمدفن، ولد سنة:
438ه /0831م، وكانت وفاته سنة: 408ه /0014م.)فهرس الفهارس للكتاني 2/0022.)
(2 (أبو عيسى المهدي بن محمد بن محمد بن الخضر العمراني نسبا، الوزاني أصلا، الفاسي دارا، ينسب إلى الشرفاء
العمرانيين بقبائل غمارة، وهم فرع من الشرفاء الأدارسة، وتجمع المصادر التي ترجمت للوزاني أن سنة ولادته هي عام:
0211ه /0401م بوزان، وأنه توفي سنة: 0382ه /0423م، ودفن بالقباب بفاس.)ينظر: الأعلام للزركلي: 7/008 ،
وشجرة الَّن وْر الزكية لمخلوف: 830 ،والفكر السامي للحجوي: 8/374 ،ينظر كذلك: مقال بعنوان: الفقيه النوازلي المهدي
الوزاني، للأستاذ محمد الحفظاوي ص: 00 ،مجلة دعوة الحق، العدد: 341 السنة: يونيو 2101م.
(3 (التاريخ وأدب النوازل ص: 04.
ــــــ من مظاهر التسامح ونبذ العنف والتطرف في المذهب المال كي ـــــــ مجلة أصول الدين ـــــــ
411
ومن خلال تتبع هذه المؤلفات، يمكن ال كشف عن عديد من
الظواهر الاجتماعية التي عرفها الغرب الإسلامي، ولها علاقة وطيدة
بقضية الغلو والتطرف، كما أنها تناولت قضايا تبرز مظاهر التسامح
والتعايش في البلاد الإسلامية مع المكونات المجتمعية الأخرى.
فعديد من القضايا المعروضة على أنظار الفقيه النوازلي، كقضايا
السلب والنهب، والخروج عن الإمام، ونوازل الفرق الضالة كالوهبية
والفقرية والعكاكزة، لها ارتباط وثيق بالعنف والتطرف، وقد تطرق لها
الفكر النوازلي، وعالجها في إطار قواعد المذهب المال كي، وقدم فيها حلولا
معتبرة.
ولهذا يمكن الجزم أن ظاهرتي التطرف من جهة أو التسامح والتعايش
من الجهة المقابلة، لها امتدادات تاريخية، ولها في التراث الفقهي النوازلي
علاجات وحلول، يمكن الإفادة منها للتصدي للظواهر المعاصرة المشابهة.
ولتحقيق هذه الغاية، سنعالج هذه الإشكالية في ثلاثة محاور، ففي
المحور الأول سنوضح لنا أن من أهم أسباب انتشار المذهب المال كي في
دول الغرب الإسلامي بعامة، وفي بلاد المغرب على وجه الخصوص هو
سلامة المعتقد، ونبذ التطرف والعنف، ووسطية المذهب المال كي في
الفروع والاعتقادات، أما المحور الثاني فيتطرق إلى نماذج تطبيقية من
نوازل بعض الفرق الضالة، التي ظهرت في المغرب الأقصى، وتمثل
للفكر المتطرف، الذي عرفه ويعرفه العالم الإسلامي حاليا ً،
ً
امتدادا
ويهدف المحور الثالث إلى إبراز قيم الانفتاح والتسامح في الفقه المال كي،
من خلال مجموعة من القضايا التي تظهر التفاعل الإيجابي بين المسلمين
وغيرهم، في إطار قواعد المذهب وأصوله.
المحور الأول: سلامة المعتقد من أهم أسباب انتشار المذهب المال كي
في الغرب الإسلامي:
ذكر الونشريسي في معياره تشبث أهل المغرب بالمذهب المال كي،
للعلماء، وسنة محفوظة عند الفقهاء
ً
متعبدا
ً
وأوضح أنه:"لم يزل ذلك طريقا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
محمد الطيب الوزاني

محمد الطيب الوزاني


المساهمات : 198
تاريخ التسجيل : 24/03/2018

المهدي الوزاني Empty
مُساهمةموضوع: رد: المهدي الوزاني   المهدي الوزاني Emptyالجمعة 11 يونيو 2021 - 12:34

عيادة الذمي وتعزيته وإجابة دعوته:
نقل الفقيه الوزاني في نوازله جواز عيادة الذمي، وعيادة المجوسي فيها
قولان، ونقل عن ابن عابدين ما نصه:"جار يهودي أو مجوسي مات ابن له
منه،
ً
ه تعالى عليك خيرا

أو قريب، ينبغي أن يعزيه، و يقول: أخلف الل
)2 )وأصلحك"
.
ثم نقل عنه قولا ً نفيسا ً، يبين ضوابط التعامل والاختلاط بأهل
الباطل وغيرهم، حيث يقول:"يكره للمشهور المقتدى به الاختلاط برجل
من أهل الباطل والشر، إلَّا بقدر الضرورة؛ لأَّن ه يعظم أمره بين الناس،
ولو كان رجلا ً لا يعرف يداريه؛ ليدفع الظلم عن نفسه من غير إثم، فلا
)3 )بأس"
، وذكر جواز إجابته، شريطة ألا يؤدي ذلك إلى المصادقة،
والتوادد والميل والركون.
فاتضح بهذا القول، هذا النفس المقاصدي عند فقهاء المال كية،
ومراعاتهمللمآلات، وأخذهم بأخف الضررين واعتبار الحال، وهو ما
يجعل الحكم يتغير بتغير الأحوال والأزمان.
نتائج وخلاصات:
، التي
ً
من خلال القراءة المتأنية لمختلف هذه القضايا ال كثيرة جدا
تناولتها كتب النوازل، وذكرنا نتفا ً منها، يمكن أن نخلص إلى ما يلي:
- ينبغي دراسة كتب النوازل دراسة متأنية، مع مراعاة السياق الذي
في
ً
صيغت فيه هذه المؤلفات، كما نلحظ أن للآراء الفقهية ال كبرى تأثيرا
توجيه أصحابها.

.310/00 :نفسه) 1)
(2 (المعيار الجديد للوزاني: 0/000.
(3 (المعيار الجديد للوزاني: 0/000.
ــــــ من مظاهر التسامح ونبذ العنف والتطرف في المذهب المال كي ـــــــ مجلة أصول الدين ـــــــ
411
- قضايا التطرف والغلو لها ارتباطات تاريخية، وأصول مشتركة،
وترجع أساسا ً إلى الجهل بديننا الحنيف، وتعاليمه السمحة، فينبغي اتخاذ
مقاربات متنوعة في التصدي لها، ومعالجتها بما يناسبها.
- نشرالمذهب المال كي في المجتمع المغربي، وتقريبه للناس، فهو يعُ د
حصنا ً منيعا ً ضد مظاهر العنف والغلو والتطرف.
- الإسلام دين تسامح ويسر ولين، ولم يأت لتطهير الأرض وتوحيد
الدين، وإكراه الناس، وكثير من القضايا التي قررها الرسول - -في
تعامله مع غير المسلمين يجب أن يعتنى بسياقها؛ حتى لا تكون قاعدة عامة،
كامتناعه - -على يهود بني قريظة.
ــــــ من مظاهر التسامح ونبذ العنف والتطرف في المذهب المال كي ـــــــ مجلة أصول الدين ـــــــ
411
مصادر البحث ومراجعه:
0 أسباب انتشار المذهب المال كي لعباس الجراري، سلسلة الدروس الحسنية، وزارة
الأوقاف والشؤون الإسلامية، مطبعة فضالة المحمدية: 0441م.
2 الأعلام، للزركلي، دار العلم للملايين، الطبعة/ الخامسة عشرة: 2112م.
3 التاريخ وأدب النوازل، لمحمد المنصور، ومحمد المغراوي، منشورات
كلية الآداب الرباط، الطبعة/الأولى، مطبعة فضالة المحمدية: 0440م.
8 تذكرة الحفاظ، للذهبي: دار ال كتب العلمية بيروت لبنان، الطبعة/الأولى:
0804ه /0444م.
ه نجمي، منشورات كلية

0 التصوف والبدعة في المغرب )طائفة العكاكزة(، لعبد الل
الآداب الرباط، مطبعة النجاح الجديدة البيضاء: 2111م.
1 تفسير الطبري: المحقق: أحمد محمد شاكر، مؤسسة الرسالة، الطبعة/الأولى:
0821ه /2111م.
7 جمهرة اللغة، للأزدي، تحقيق: رمزي منير بعلبكي، دار العلم للملايين بيروت،
الطبعة/الأولى: 0447م.
4 الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب، لابن فرحون: محمد الأحمدي
أبي النور، دار التراث للطبع والنشر، القاهرة.
4 رسائل اليوسي، جمع ودراسة وتحقيق: فاطمة خليل القبلي، دار الثقافة
البيضاء: 0440م.
01 سير أعلام النبلاء، للذهبي، دار الحديث - القاهرة، طبعة/
0827ه /2111م.
00 شجرة الَّن وْرَ الزكية في طبقات المال كية، لمحمد بن مخلوف، دار ال كتب
العلمية لبنان، الطبعة/الأولى: 0828ه /2113م.
02 الغلو في الدين في حياة المسلمين المعاصرة، لعبد الرحمن بن معلا
اللويحق، مؤسسة الرسالة، الطبعة/ الأولى: 0802ه .
03 الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي، للحجوي، دار ال كتب العلمية –
بيروت/لبنان الطبعة/ الأولى: 0801ه /0440م.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
محمد الطيب الوزاني

محمد الطيب الوزاني


المساهمات : 198
تاريخ التسجيل : 24/03/2018

المهدي الوزاني Empty
مُساهمةموضوع: رد: المهدي الوزاني   المهدي الوزاني Emptyالجمعة 11 يونيو 2021 - 12:37

نظمت شعبة الدراسات الإسلامية و وحدة الدراسات المنهجية الشرعية في الغرب الإسلامي، بكلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة ابن طفيل، بقنيطرة المغرب الأقصى، ندوة وطنية في موضوع: "فقه النوازل في الغرب الإسلامي، تاريخا و منهجا" يوم الأربعاء 18 ذي الحجة 1421هـ / 14 مارس 2001م.بمشاركة نخبة من الأساتذة من الجامعات المغربية. و تعد هذه الندوة أول ندوة تعقد في موضوع "فقه النوازل" بالمغرب.

وعلى هامش الندوة أجرينا هذا الحوار مع أستاذين شاركا في الندوة، هما: الأستاذ الدكتور محمد التمسماني،حاصل على دكتوراه الدولة في موضوع:"الاجتهاد الذرائعي و أثره في الفقه الإسلامي: المذهب المالكي نموذجا". و الأستاذ الدكتور توفيق الغلبزوري،حاصل على دكتوراه الدولة في موضوع:"المدرسة الظاهرية بالمغرب والأندلس: نشأتها، أعلامها، أصولها، وأثرها"، و هما أستاذا الفقه و أصوله بكلية أصول الدين بمدينة تطوان بالمغرب.
و فيما يلي نص الحوار:

بداية نرحب بالأستاذين الفاضلين: الدكتور محمد التمسماني، والدكتور توفيق الغلبزوري، في موقع الشبكة الإسلامية على الإنترنت.

س1: ما معنى النوازل؟ و ما المراد بفقه النوازل، و كتب النوازل؟
ج (الأستاذ توفيق الغلبزوري):النوازل؛ جمع نازلة، و هذا مصطلح اختص به الغرب الإسلامي، و كتب النوازل تعددت أسماؤها فسميت النوازل، و الفتاوى، و هما الاسمان الشائعان في الغالب، و دُعيت كذلك: المسائل، و الأسئلة، والأجوبة، و الجوابات، والأحكام، و تسمى في بلاد العجم مما وراء النهر "الواقعات". و هي عبارة عن مؤلفات فقهية حرّر مادتها العلمية قضاة أو مفتون أو مُشَاوَرون في موضوع أحداث واقعية رفعت إليهم للبت فيها أو لبيان الحكم الشرعي فيها، في الغرب الإسلامي، على مذهب الإمام مالك، طبعا، أو رفعت إليهم لإبداء رأيهم في صحة أو عدم صحة تطبيق النصوص الفقهية عليها من جانب قاض أو مفت آخر.

تبتدئ كل نازلة بسؤال يختصر غالبا من طرف المفتي أوجامع الفتاوى، و قد يطول حين يُترك بصيغته الأصلية على ما فيه أحيانا من ضعف لغوي و تركيبي، فيكون أفيد لتصوير تفاصيل النازلة المتحدث عنها. و تتوالى الفتاوى في بعض كتب النوازل بحسب صدورها عن الشيخ دونما ترتيب، و تصنف في كتب أخرى بحسب الموضوعات التي تتحدث عنها تصنيفا فقهيا من عبادات أو معاملات على ما هو المعهود من كتب الفقه العامة. و قد يموت الشيخ المفتي النوازلي دون أن يؤلف فتاواه في كتاب فيقوم أحد تلاميذه بجمعها و ترتيبها، و تسمى عادة، مثلُ هذه الكتب بالنوازل أو الفتاوى المجموعة مع نسبتها دائما إلى صاحبها. و هناك فتاوى أخرى يموت صاحبها دون أن يدونها في كتاب، و لا ينهض غيره ليجمعها، فتبقى مبعثرة يحفظها تلاميذ الشيخ و معاصروه، و تروى عنه في الفهارس و البرامج بالسند، و ينقلها المؤلفون المتأخرون في كتبهم، و هذا النوع هو الغالب في النوازل الأندلسية، لا سيما بالنسبة للفقهاء المتقدمين.

و لكتب النوازل فائدة كبيرة للمشتغلين بالفقه و أصوله، بل تعدتهم إلى غيرهم من المختصين في سائر العلوم الإنسانية و الدراسات الاجتماعية و الاقتصادية، لا سيما منها التاريخية، حتى قال بعض المؤرخين المعاصرين:"أصبح كل عمل تاريخي يتجاهل هذا النوع من المصادر عملا غير تام".

س2: أستاذ محمد التمسماني،ماذا يمكن أن تضيفه في تعريف النازلة و فقه النوازل؟ ثم لماذا الغرب الإسلامي بالذات؟ ألم يكن في الشرق الإسلامي فقه نوازل، أم أنه إحياء و بعث "لعقدة" الشرق و الغرب؟
ج: مما لا شك فيه أن الإفتاء منصب عظيم الخطر، كبير الموقع، كثير الفضل، فالمفتي موقع عن الله، و كما قال الإمام الشاطبي في كتابه الموافقات:"المفتي هو قائم مقام النبي"، و لقد عرف سلفنا الصالح رضوان الله تعالى عنهم، من الصحابة و التابعين، للإفتاء و الفتوى عظيم المنزلة فتهيبوه و تورعوا عنه، و تدافعوه بينهم. و الجدير بالذكر أن اهتمام المالكية في الغرب الإسلامي منذ أن دخل المذهب المالكي إلى الغرب الإسلامي، اهتمام بالغ، و جريا على ما عرف به المغاربة من الميل إلى الابتكار و الاستقلال فإنهم ابتكروا في الفتوى اتجاها و مسلكا خاصا بهم انفردوا به عن غيرهم. هذا الاتجاه هو ما يمكن أن نصطلح على تسميته بـ "الاتجاه النوازلي"، و لهذا الاتجاه النوازلي معالمه، و خصائصه، و طرائقه، و مناهجه، و رجاله. و هو اتجاه انفرد به الفقهاء المالكية في الغرب الإسلامي دون غيرهم من الفقهاء في المشرق الإسلامي. نعم كان هناك فقه الفتوى، هذا الفقه كان مشتركا بين علماء المغرب و علماء المشرق، و لكن هذا الاتجاه النوازلي انفرد به المغاربة عن غيرهم، و هو السر في إصرارهم على تسمية كتبهم في هذا الباب بالنوازل، فهم يقولون: نزلت نازلة، أو وقعت، أو حدثت. و هذا لا شك أن له ارتباطا بتأثرهم بمنهج الإمام مالك رحمه الله تعالى في باب الإفتاء.

س3: إذا أردنا أن نتحدث عن تاريخ فقه النوازل في الغرب الإسلامي، ما الذي يمكن قوله عن المراحل التي درج عبرها؟ و هل عرف ضمورا و فتورا في مراحل معينة؟
ج (الأستاذ الغلبزوري): فقه النوازل يتحرك بحركة المجتمع و الحضارة، فكلما تطور المجتمع و تطورت الحضارة تطور معها هذا النوع من الفقه، و كلما عرفت الحركة الحضارية سكونا و جمودا جمد هذا النوع من الفقه، فهو يتطور بتطور الحياة.

و قد عرف هذا النوع من الفقه "فقه النوازل" في الغرب الإسلامي مراحل، لكل مرحلة صبغة خاصة. فعلى سبيل المثال: فقه النوازل في العصور المتقدمة في الغرب الإسلامي، لا سيما مع تلامذة الإمام مالك من الأئمة الكبار كيحيى بن يحيى الليثي، و زياد بن عبد الرحمن المعروف بشبطون، و الغاز بن قيس، و عبد الرحمن بن دينار، و أخيه عيسى بن دينار و أبنائهم و حفدتهم الذين توارثوا الرياسة و الفقه في الأندلس أجيالا عديدة، و كانوا ملء سمع الأندلس و بصرها، في هذا العهد لم تدون هذه النوازل و الفتاوى في كتاب، أو دون بعضها و ضاع. فهذا لم يكن عصر التدوين لهذا النوع من الفقه، لكن كان ينقل بالرواية و السند، و يُعنى به العلماء و ينقلونه في فهارسهم، و برامجهم، و مشيخاتهم و غيرها.

في عصر المرابطين كان اتجاه الفروع هو الغالب على فقه النوازل، فتجد النوازل فيها استدلال بأقوال أئمة المذهب ورجاله، لا سيما أقوال ابن القاسم و غيرها من أقوال مالك، و قلما تستدل بنصوص الكتاب و السنة أو بالأدلة من أصول الفقه، و إنما تستدل غالبا بأقوال الرجال. و إذا انتقلنا إلى مرحلة أخرى، و هي زمن الموحدين، و مجيء الدولة الموحدية، و جدنا أن هذه الدولة التي أحرقت كتب المذهب و شجعت على الاجتهاد و النظر، جعلت كتب النوازل تقفز قفزة أخرى، ذلك أنك تجد في كتب النوازل خلال هذه المرحلة الاستدلال و الاجتهاد و النظر، و الأخذ بالظاهر، لأن الدولة كانت تنحو هذا المنحى.

إذا انتقلنا إلى عهد الدولة النصرية نجد أن فقه النوازل قد أخذ طابعا آخر فبدأت الفتاوى تميل إلى نوع ما يسمى اليوم "فتاوى سياسية" حيث نجد تعيين علاقة المسلمين بالنصارى، و تعيين علاقة المسلمين باليهود، و حكم الردة، لأن بعض المسلمين في الأندلس ارتد عن الإسلام قهرا و إكراها، فكانت كتب النوازل في هذه المرحلة تنحو هذا المنحى.

فإذن، النوازل تتطور و تتغير بتغير المجتمع و تطوره، و لكل مرحلة نوع خاص من النوازل و من الفتاوى.

س4:ذكر الأستاذ التمسماني أن المغاربة اختصوا بفقه النوازل، فلا شك أنهم ألفوا في ذلك تواليف، فما حظهم من ذلك؟ و ما هي أشهر المؤلفات في فقه النوازل؟
ج (الأستاذ الغلبزوري):المعلوم أن المغاربة اختصوا بهذا الفقه "فقه النوازل"، و عرف المغرب و الأندلس غزارة التأليف في هذا الفن، فالمتتبع النبيه يلاحظ تكاثر كتب النوازل كثرة كبيرة في الأندلس و المغرب، لا سيما بعد القرن العاشر الهجري، فقد انفرد المغرب الأقصى بصفة خاصة بالنوازل، بعد أن انتهت دولة الإسلام في الأندلس و هيمن الأتراك العثمانيون على المغربين الأدنى و الأوسط، و زاحموا فيهما المذهب المالكي بالمذهب الحنفي للأتراك، و ظل المغرب الأقصى مستقلا عن النفوذ التركي فنفقت فيه سوق الفقه المالكي و كتب النوازل، و ظهرت في المغرب شماله و جنوبه كتب كثيرة في مرحلة قصيرة بلغت سبعين مصنفا خاصا بفقه النوازل، أما في شمال المغرب فحدث عن البحر و لا حرج. وفي مدينة فاس أيضا صُنفت أكبر موسوعتين في النوازل في الغرب الإسلامي: "المعيار المعرب" لأحمد الونشريسي التلمساني الفاسي (ت914هـ)، و "المعيار الجديد" أو "النوازل الكبرى" للمهدي الوزاني الفاسي (ت1342هـ)، و كذا ألف كتابا آخر سماه "النوازل الصغرى"، و يسمى أيضا "المنح السامية في النوازل الفقهية".

أما إذا أردنا أن نعد المؤلفات في هذا الفن في شمال المغرب الأقصى، فقد كان له القدح المعلى و اليد الطولى في هذا النوع من الفقه، و فقهاؤه النوازليون أظهر من أن يُنكروا و أشهر من أن يُذكروا، و لا بأس من ذكر أسماء أمثال:المهدي الوزاني العمراني صاحب "المعيار الجديد" أو "النوازل الكبرى"، الذي هو أكبر موسوعة في الغرب الإسلامي ذيل بها على المعيار المعرب للونشريسي. و أحمد بن عرضون الغماري الشفشاوني (ت992هـ) الفقيه النوازلي الكبير صاحب كتاب "الأجوبة". و عبد العزيز بن الحسن الزياتي الغماري (ت1055هـ) صاحب كتاب "الجواهر المختارة فيما وقفت عليه من النوازل بجبال غمارة"، و كان موضوع رسالة علمية بجامعة السوربون في باريس. و علي بن عيسى العلمي الشفشاوني (ت1127هـ) قاضي الشاون و ابن قاضيها، و صاحب "نوازل العلمي"، التي طبعتها وزارة الأوقاف و الشؤون الإسلامية بالمغرب. و أبو زيد عبد الرحمن بن محمد الحايك التطواني (ت1237هـ) صاحب النوازل المشهورة التي جمعها تلميذه قاضي تطوان سيدي المامون أفيلال الحسني. و غير هؤلاء كثير، و في ما ذكرنا غنية إن شاء الله تعالى.

س5: انتشر المذهب المالكي في الغرب الإسلامي و بقي عبر التاريخ المذهب المعتمد في هذه الأقطار، هل كان لهذا المذهب تأثير على فقه النوازل؟
ج (الأستاذ محمد التمسماني): مما نعلمه جميعا أن المذهب المالكي منذ دخل بلاد الغرب الإسلامي ظل موجودا و كانت الفتوى تنطلق منه، و كان العلماء المفتون كلهم مالكية، و نحن عندما نتحدث عن الاتجاه النوازلي و ندعي أنه اتجاه انفرد به المغاربة، فإنما نقصد العلماء المالكية، فخصوصيته مستمدة من المذهب المالكي أصولا و فروعا. ثم إن هناك أمرا من الأهمية بمكان، و هو أن المالكية في الغرب الإسلامي ظلوا متأثرين بمنهج الإمام مالك بن أنس، رحمه الله تعالى، في الأصول و الإفتاء، فأصولهم هي أصول الإمام مالك.

و لهذا نرى أن الحركة التاريخية لطرق الاجتهاد و الاستنباط في الغرب الإسلامي تختلف عن مثيلتها في المشرق الإسلامي، فبرجوعنا إلى المصادر التاريخية في الغرب الإسلامي وجدنا أن هناك مراحل خاصة للمالكية، ففي القرنين الثاني و الثالث الهجريين لم تكن لهم مدونات، و لهذا سميت هذه المرحلة مرحلة البناء و التأسيس، فقد ظلوا متشبثين بأصول الإمام مالك التي بثها في الموطأ. و ذكر ابن العربي أن مالكا بنى موطأه على تمهيد الأصول للفروع، و نبه فيه على معظم أصول الفقه التي ترجع إليها مسائل الفقه و فروعه. و يقول القاضي عياض في ترتيب المدارك: "و إشاراته-أي مالك في الموطأ-إلى مآخذ الفقه و أصوله التي اتخذها أهل الأصول من أصحابه معالم اهتدوا بها و قواعد بنوا عليها" إلى أن يقول: "و قد تقرر استقلال مالك بهذه الأصول على ألسنة المؤالف و المخالف".

و من ذلك نستفيد أن المالكية في الغرب الإسلامي كانت لهم مدرسة خاصة في مجال الاجتهاد و الاستنباط، و لم يتأثروا بغيرها من المناهج و الطرائق مما كان معروفا في المشرق. فقد انشغل المغاربة في مرحلة القرون: الثاني والثالث و الرابع بالدفاع عن المذهب المالكي،أو لنقل: انشغلوا في هذا الطور بالتأسيس و البناء، أسهم فيه أصوليو المذهب المالكي في المشرق و المغرب.يدل على ذلك أنه عندما جاء الإمام الشافعي من العراق إلى مصر، جعلت آراؤه الجديدة تدب في الناس مما اضطر بعض علماء المالكية أن يدخلوا معه في صراع حاد، فقام المالكية و ردوا على الإمام الشافعي الذي كان من قبل تلميذا لمالك، و انتقدوا كتاب الرسالة، كما انتقدوا من قبله مؤسس المدرسة الحنفية، و في هذه الفترة ألف محمد بن الحكم المصري المالكي (ت269هـ)، و كان معجبا بآراء الشافعي قبل أن يصير مالكيا، كتابا في الرد على الإمام الشافعي، و آخر في الرد على أهل العراق، و آخر في الانتصار للمذهب المالكي. و ألف أبو بكر أحمد بن مروان المالكي المصري (ت298هـ) كتاب الرد على الشافعي، و كتاب فضائل الإمام مالك. و لابن أبي زيد القيرواني (ت386هـ) كتاب الاقتداء بأهل المدينة، و كتاب الذب عن مذهب مالك. و كل هذه الكتب و غيرها تقرر أن المدرسة المالكية و أصولها الاجتهادية كانت موجودة في هذه المرحلة، و أنها لم تتأثر بالمؤثرات التي عرفتها أصول المدرسة الاجتهادية بالمشرق، فلا شك أن المذهب المالكي كان له تأثير واضح جدا على الفقه الإسلامي عموما و على فقه النوازل، أو الاتجاه النوازلي بصفة خاصة.

س6: ما الذي تختص به كتب فقه النوازل في الغرب الإسلامي، أو بعبارة أخرى ما هي خصائص الاتجاه النوازلي في الغرب الإسلامي؟
ج (الأستاذ الغلبزوري): لفقه النوازل في الغرب الإسلامي خصائص و مميزات يصح إجماله فيما يلي:

1- اصطبغت كتب النوازل في الغرب الإسلامي بصبغة المذهب الذي يتمذهب به هذا الصقع من أصقاع الإسلام ، وهو المذهب المالكي، الذي يتوسع في أصلين يعدان من أهم أصوله: المصالح المرسلة، و سد الذرائع، و هما لصيقان بواقع الناس و تطور الحياة.

2- توجد خصوصية أخرى لنوازل المغرب و الأندلس، فإلى جانب الفتاوى المعهودة التي تتضمن أجوبة المفتي على أسئلة الناس، كما هو الحال في سائر الأقطار الإسلامية، هناك صنف آخر من النوازل يدعى "نوازل الأحكام" خاص بكبار شيوخ الفقه و الفتوى المُشاوَرين، لأن القضاء في هذه المنطقة الغربية كان مبنيا على خطة الشورى، حيث يعين الخليفة أو الأمير إلى جانب كل قاض من قضاة الحواضر فقيها مشاورا أو أكثر، يستشيره القاضي –كتابة-في المسائل التي ينظر فيها بين الخصوم. و قد بدأت خطة الشورى في قرطبة خلال القرن الثالث الهجري، و كان المشاور فيها واحدا، و أقدم من عرف اسمه منهم يحيى بن يحيى الليثي (ت234هـ)، و هو تلميذ مالك رضي الله عنه، و عبد الملك بن حبيب (ت238هـ)، و أحمد بن بقي بن مخلد (ت324هـ)..

3- الخاصية الثالثة أن نوازل المالكية تميزت أكثر من غيرها بصفة الواقعية، فلا تهتم إلا بقضايا وقعت و نزلت بالفعل، و قد بدأ هذا الأمر منذ عهد التأسيس حين كان مالك رضي الله عنه يستنكف أن يخوض في الفرضيات، و يحرص على ألا يبحث إلا في فقه المسائل التي حدثت. و لما سأله عراقي و أخذ يفترض له فرضيات قال له: " تلك سليسلة بنت سليسلة، إذهب عند أهل العراق"، و سأله عراقي آخر عن نحو هذا فلم يجبه، فقال له: لم لا تجيبني يا أبا عبد الله؟ فقال له: لو سألت عما ينفعك لأجبتك.

4- الخاصية الرابعة: المحلية، و هي من أبرز مميزاتها، فهي لا تبقى سابحة في مطلق الفقه و أبوابه العامة كما هو ديدن كتب الفقه، و إنما تتحدد مسائلها في المكان و الزمان و الموضوع، فيأتي السؤال و كذا الجواب بتفاصيل النازلة، ويذكر أسماء الأطراف المعنية، و حتى تاريخ النازلة أحيانا، و ذلك كله مادة خصبة و ثروة لا تقدر للفقهاء و الأصوليين والمؤرخين.

5- الخاصية الخامسة لهذا الفقه، و قد تقدم ذكرها، هي غزارة التأليف في النوازل، بما لم يقع في أي قطر من أقطار الإسلام.

س7:أستاذ محمد التمسماني، هل من إضافة في هذه المسألة؟
ج: أضيف فأقول إن كتب النوازل في الغرب الإسلامي كانت لها مسالك و طرائق و خصائص و مميزاتّ، هذه الخصائص و المميزات يتوقف فهمها و الإفادة منها على العلم و الإحاطة بها، فمن الضروري لكل باحث و دارس و قارئ لكتب النوازل أو الاتجاه النوازلي لكي يفقهه و يستفيد منه، أن يكون على بينة و بصيرة من هذه الخصائص، و أهمها: أولا، أن الاتجاه النوازلي دائما نجده مرتبطا بأصول الاجتهاد و الاستنباط، فإذا كان نظر الفقيه النوازلي في الوقائع يعبر عن ارتباط الفقه بالحياة اليومية التي تتطلب أحكاما لما يطرأ و يستجد من القضايا و النوازل و جعلها ملائمة لروح الشريعة مسايرة للتطور، فإننا نجد باب الاجتهاد ظل مفتوحا في هذا الاتجاه من اتجاهات الفقه في الغرب الإسلامي، و لهذا نرى أن كل من أرخ للمراحل التاريخية التي مر بها هذا الاتجاه ينص على أن مرحلة القرنين الرابع و الخامس الهجريين تعد عصر ازدهار الإفتاء أو الاتجاه النوازلي، و من هذه المرحلة وصلتنا أهم المؤلفات في النوازل الفقهية، بل ظل هذا العصر مرجعا لكل المدونات اللاحقة، و هذا العصر أيضا هو عصر ازدهار الدراسات الفقهية، و هو العصر الذي انتقل فيه الاجتهاد والاستنباط في الغرب الإسلامي إلى مرحلة النضج و الإبداع فحصل التكامل الذي أنتج لنا أن الاتجاه النوازلي في الغرب الإسلامي كان دائما ممتزجا بأصول الاجتهاد و الاستنباط، و أن باب الاجتهاد فيه كان مفتوحا.

الخاصية الثانية، و قد أشار إليها الأستاذ الغلبزوري،هي: الظرفية أو النسبية، و هي خاصية مهمة جدا، و أؤكد هذا لأن هناك دراسات كتبها مستشرقون فيها اتهام لدولة الإسلام في الغرب الإسلامي، و بخاصة في الأندلس، و من ذلك ادعاؤهم أنها عرفت بالتعصب و التشدد إزاء أهل الذمة (اليهود و النصارى)، و هذا غير صحيح، لأنهم انطلقوا من فتاوى ونوازل وقعت في فترات ظرفية زمانية و مكانية خاصة. إذن فالظرفية أو النسبية خاصية مهمة جدا، و لهذا نرى أن المتتبع لكتب النوازل يجد أن العلماء النوازليين كانوا يراعون الملابسات التي تحيط بالفعل و الحال الحاضرة و النازلة المتعينة، ويجعلونها مناط التفريع، فالمجتهد كي يفتي الناس أو ينزل على النازلة ملزم بمعرفة الظروف و الأحوال، يقول العلامة عبد السلام الهواري (ت749هـ): "إنما الغرابة في استعمال كليات علم الفقه و انطباقها على جزئيات الوقائع من الناس، و هو عسير على كثير من الناس، و لهذا اشتهر بأن الفتوى دربة و صنعة، لأن الأحكام تتغير بتغير الأزمنة". و من هنا نصوا أيضا على أن مراعاة المآل بالنسبة إلى حال الزمان و أهله أمر ضروري للمفتي، و من اللافت للانتباه أن الفقهاء المالكية المتأخرين بالغرب الإسلامي اعتمدوا في معالجة النوازل و القضايا و الأعراض على هذا المسلك، هناك مثالان مشهوران، الأول: فقه العمل الذي اشتهر به المالكية، و هو كله مبني على الظرفية و النسبية، أو ما يمكن أن يصطلح عليه "الذرائعية"، و الثاني: أن كثيرا من القضايا الاجتماعية الشائكة في الغرب الإسلامي بحثها العلماء من منطلق مراعاة الأحوال و الظروف و الملابسات.

و الخلاصة أن نقول إن الملابسات التي تحيط بالنازلة في الاتجاه النوازلي لا بد من مراعاتها، فكما يقول الأصوليون في باب القياس:"الحكم يدور مع علته وجودا و عدما"، يمكننا أن نقول:"النازلة الفقهية تدور مع ملابساتها و ظروفها وأحوالها وجودا و عدما"

س8: تحدثتم أستاذ التمسماني في بحثكم المقدم للندوة عن وجود عناصر للاتجاه النوازلي، ما هي هذه العناصر؟
ج (الأستاذ محمد التمسماني): قلنا إن التجاه النوازلي انفرد به الفقهاء المالكية في الغرب الإسلامي دون غيرهم، و إن النازلة أخص من الفتوى، فكل نوازلي مفت و ليس كل مفت نوازليا. أما عناصر التجاه النوازلي فهي:
أولا: النوازل: و هي الوقائع الفائتة، و هي على نوعين: متعدية وقاصرة.
ثانيا: النوازلي: و هو العالم المجتهد المالك لقدر كبير من الخبرات و التجارب العملية الميدانية في مختلف مجالات الحياة المجتمعية، فليس كل مفت صالحا لأن يكون من علماء النوازل، يشير إلى هذا تقسيم ابن رشد المفتين إلى ثلاثة أقسام: مفت يحفظ، و مفت يحفظ و يفهم، و مفت بلغ درجة الاجتهاد. و هذا ما يفسر لنا أن النوازليين كانوا دائما أقل من المفتين.
ثالثا: التنزيل: فنظر العالم النوازلي في النازلة مرتبط بمراحل ثلاثة: الأولى: التصور، أي تصور النازلة ذاتا و صفة وهيئة. الثانية: التحقيق، أي تحقيق مناط النازلة بمراعاة الملابسات و الظروف، لأن مناط القياس على النازلة هو مراعاة هذه الظروف و الملابسات من كونها تجعل النازلة قاصرة أو متعدية. الثالثة: التنزيل، و يكون بأمور ثلاثة: إما بالربط بين النازلة و نازلة أخرى شبيهة لها، و إما بالاستدلال بالنص أو بنصوص المذهب أو بالقياس على نظيراتها، و إما بالاستقراء بتغليب القصد على اللفظ.

س9: لفقه النوازل ارتباط بالاجتهاد و الفتوى، هل يشترط في العالم النوازلي مثلما يشترط في المجتهد؟
ج (الأستاذ محمد التمسماني): عرف العالم النوازلي في الغرب الإسلامي بأنه العالم المجتهد الذي فاق غيره بكونه يملك قدرا كبيرا من الخبرات و التجارب العملية الميدانية، و لهذا كان علماء النوازل بالغرب الإسلامي قلة قليلة بالنظر إلى غيرهم من المفتين، كما أن المفتين كانوا قلة بالنظر إلى القضاة، إذن فالعالم النوازلي هو العالم المجتهد، طبعا، لأنه لا يفتي إلا المجتهد.

س10: أستاذ الغلبزوري، هل يمكن أن تحدثونا عن مثال لمؤلف في فقه النوازل في الغرب الإسلامي؟
ج: نعم، يمكن أن نأخذ من شمال المغرب نموذجا لذلك: نوازل العلامة قاضي تطوان، أبي زيد عبد الرحمن بن محمد الحائك المصمودي التطواني، و هو فقيه، مفت، نحوي، و لى قضاء تطوان ثلاث مرات، و كان كثير النسخ و التأليف، و له مؤلفات منها: "إعراب مختصر خليل"، في مجلدات، و "شرح شواهد المكودي على الألفية"، و "النوازل الفقهية"، و"أربعون حديثا من رواية الأئمة الأربعة"، و نسختها الوحيدة محفوظة بالخزانة العامة بتطوان، بخط مؤلفها. و قد توفي رحمه الله عام 1237هـ. و نوازله جمعها تلميذه القضي سيدي المامون أفلال الحسني، و لا تزال نسخة منها عند بعض حفدة الحائك بتطوان، و لكنهم أضناء بها، و قد حاول الفقيه داود الحصول عليها من ورثته فلم يفلح، و استطاع شيخنا العلامة الفقيه المحقق محمد بوخبزة التطواني الحسني أن يلقي عليها نظرة عند حفدة الحائك، و لكنه لم يُمكّن من تصويرها. غير أن الكثير من هذه النوازل ضمنها المهدي الوزاني نوازله:"المعيار الجديد"، و"المنح السامية". و يمكن أن نختار مثالا من هذه النوازل،و هو في قضية حصانة الأطباء و البياطرة في ذلك الزمان و في مواجهة الغير، فقد "سئل العلامة الحائك عن بيطار خصى بغلا فمات، فشهد من له معرفة بالبيطرة أنه عارف بذلك و غيره و من الحذاق فيه، فأفتى غيره أنه لا ضمان عليه، لقول ابن سلمون: و من فعل فعلا يجوز له من طبيب و صانع و شبيههما على وجه الصواب، و تولد منه هلاك نفس أو ضياع مال فلا شيء عليه. فأجاب: أنه صحيح دليله معه."أي أن هذه الفتوى صحيحة دليلها معه. و على هذا جرى العمل إلى يوم الناس هذا، و حتى في التقنين الوضعي الوطني و الدولي، فلا ضمان على الطبيب و البيطري، و لا غرم عليهما إلا إذا تعمدا الإهمال و قصرا في الأمر، إذ لو لم يكن لهؤلاء هذه الحصانة التي تيسر لهم القيام بمهامهم لتعطل الطب و البطرة و سائر أمثال هذه الصنائع. و قد وصل فقهاؤنا إلى هذه المرتبة من النظر، في وقت كانت فيه القوانين الدولية و الأوربية تعتبرالطبيب و البيطري ضامنين في كل الأحوال.

س11: الحديث عن فقه النوازل هو حديث عن الاجتهاد في صورة أخرى، فلماذا الحديث عن فقه النوازل في هذه الظروف؟ و ما الذي يمكن أن يستفاد من إحيائه، و ما مجالات ذلك؟
ج (الأستاذ محمد التمسماني): الاهتمام بالنوازل في عصرنا الحاضر بدأ متأخرا، و فقه النوازل بالنسبة لما يعرفه العالم الإسلامي من صحوة و نهضة هو من الأهمية بمكان، و لهذا نرى أن أسلافنا رضي الله عنهم كانت حركة فقه النوازل في زمانهم مرتبطة بعضها مع بعض، و أن جل من ألف في فقه النوازل كان يتحرى أن يأخذ نوازله و فتاويه عن شيوخه أو عن شيوخ شيوخه. لكن ما أصاب الأمة الإسلامية من تأخر و تقهقر أفضى إلى جمود و ركود في جميع الميادين، و إذا أردنا أن نسهم في إحياء تراثنا لا بد لنا أن نقرأ تراث أسلافنا و علمائنا رحمهم الله تعالى، لنستفيد منه في معالجة النوازل و القضايا المستجدة في عصرنا الحاضر. و قد بدأت حركت نشر التراث النوازلي في الغرب الإسلامي منذ فترة وجيزة، و كان لوزارة الأوقاف المغربية الفضل الكبير في طبع كثير من المصنفات في تراث فقه النوازل، لكن يؤسفنا أن جل هذه الكتب خرج في صورة لا يستطيع الباحث أن يستفيد منها، و ذلك لما اعتورها من أخطاء في التحقيق، و كثرة التصحيف، و الحذف، و الزيادة و النقصان.

س12:في نظركم ما هي أهم القضايا المعاصرة التي يحتاج فيها المسلمون إلى اجتهاد الفقيه النوازلي؟
ج (الأستاذ الغلبزوري): كل القضايا المعاصرة اليوم بحاجة إلى اجتهاد الفقيه النوازلي، فالقضايا الطبية المعاصرة، كاستئجار الأرحام، و أطفال الأنابيب، و المشاكل الاقتصادية المعاصرة، كالتأمينات، و الفوائد البنكية، و السندات، والكمبيلات، و أنواع التأمين الكثيرة، و المشاكل الاجتماعية التي لا تعد و لا تحصى، و أظن أن أكبر مجالين للاجتهاد النوازلي، اليوم، هما المجال الطبي، و المجال الاقتصادي، الذي لم تعد فيه المؤسسة الربوية هي تلك المؤسسة التي كانت في عهد السلف، و إنما تطورت و تشعبت، و كثرت فيها أنواع الربا و تلونت بتلاوين كثيرة .

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
محمد الطيب الوزاني

محمد الطيب الوزاني


المساهمات : 198
تاريخ التسجيل : 24/03/2018

المهدي الوزاني Empty
مُساهمةموضوع: رد: المهدي الوزاني   المهدي الوزاني Emptyالجمعة 11 يونيو 2021 - 12:39

المرحلة الاولى: (القرنان الثاني والثالث)
المرحلة الثانية: (القرون الرابع-السابع)
المرحلة الثالتة: (ابتداء من القرن الثامن)
الواقعية:
التجدد:
تنوع التاليف:
الطابع المحلي:
-ملامح تاريخية واجتماعية:
-الاحباس:
-الحاضرة والبادية:
-التربية والتعليم:
-الارض في البادية:
-التجارة والصناعة:
-الزراعة والمياه:
بسم الله الرحمن الرحيم

الكتاب الذي بين أيدينا هو كتاب “نظرات في النوازل الفقهية” لمحمد حجي نشرته الجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر، الطبعة الأولى 1420-1999. قسم كتابه هذا إلى مقدمة وأربعة عناوين كبرى وخاتمة.

المبحث الأول: نشأة الفقه والنوازل.
المبحث الثاني: تطور الفقه والنوازل.
المبحث الثالث: خصائص النوازل الفقهية.
المبحث الرابع: ملامح تاريخية واجتماعية.
-فالكاتب بدأ مقدمته بتعريف الفقه وهو علم حادث في الاسلام لم يعرف الا بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم اذ كان المسلمون في حياته يسالونه فلا يجيبهم او يفتيهم حتى ينزل عليه الوحي او يلهمه الله الى الحكم، فمثلا يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة”او يسألونك عن الخمر والميسر. وبالتالي عرف المؤلف النوازل في مقدمته انها مسائل وقضايا دينية ودنيوية تحدث للمسلم ويريد ان يعرف حكم الله فيها. فالناس بعد وفاته صلى الله عليه وسلم كانوا يلجؤون الى الخلفاء يسالونه عن حكم النوازل الحاصلة بهم فيجتهد الصحابة في استنباط احكام تساير سياق الكتاب والسنة ولا تخالف روح الشريعة، اما مع تزايد الفتوحات في العراق وغيرها كثرت النوازل وعظمت فعمل الصحابة والتابعين على الاجتهاد في استنباط الاحكام شريطة ان توافق مبادئ الوحي ولا تصادمه، فنخلص من هذه المقدمة قائلين بان الفقه والنوازل نشآ معا في القرن الهجري الاول على يد صحابة رسول الله وتابعيهم اي ان النوازل لم تكن منفصلة عن الفقه بلا كانا متلازمين.

والان نشرع في المبحث الاول لنبين ما يتضمنه حول الفقه ونوازله، فالفقه تطور كثيرا بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم اذ اصبحت له اصول وفروع بعبارة اخرى اصبح علما مستقلا بذاته، فعرف هذا التطور ثلات مراحل.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
محمد الطيب الوزاني

محمد الطيب الوزاني


المساهمات : 198
تاريخ التسجيل : 24/03/2018

المهدي الوزاني Empty
مُساهمةموضوع: رد: المهدي الوزاني   المهدي الوزاني Emptyالجمعة 11 يونيو 2021 - 12:43

هاجر حسناوي أبريل 7, 2020
لكن لا يخفى انها الفت اهم الموسوعات التي جمعت شتات المذاهب الباقية ففي المذهب المالكي مثلا الف بان ابي زيد القيرواني كتاب النواذر والزيادات على مافي المدونة من غيرها من الامهات والف ابن رشد الجد كتابه البيان والتحصيل والشرح والتوجيه والتعليل.

وها يبين ان الفقه تضخم وتشابك فاصبح من العسير ان تتخرج منه مباشرة المسائل الجزئية التي قد يحتاج اليها وهذا اظهر كتب النوازل كفرع مستقل من المؤلفات الفقهية لا تشمل الا على المسائل التي حدثت بالفعل، فاصطبغت كتب النوازل بصبغة المذهب الذي يتمذهب به المفتي فتعددت اسماؤها فسميت النوازل والفتاوى كما سميت بالمسائل والاسئلة والاجوبة والجوابات وفي بلاد العجم سميت بالواقعات.

فنذكر من كتب نوازل الاحناف: نوازل السمرقندي والفتاوى الكبرى او تجنيس الواقعات للامام الصدر حسام الدين عمر بن عبد العزيز المتوفي سنة536ه

اما نوازل الشافعية هناك فتاوى ابن قطان احمد الطبري وفتاوى ابن الحداد

ونأتي إلى ما يهمنا نحن هي نوازل المالكية نقتصر في التمثيل لها على فتاوى الاندلسيين والمغاربة الملتزمين في هذا المذهب لكنها تعرف نوعا من الخصوصية فالى جانب الفتاوى العادية التي تتضمن اجوبة المفتي عن الاسئلة التي يتلقاها هناك صنف اخر من النوازل يسمى نوازل الاحكام خاص بكبار شيوخ الفقه والفتوى المشاورين بفتح الواو.

المرحلة الثالتة: (ابتداء من القرن الثامن)
هذه المرحلة هي مرحلة انحطاط العالم الاسلامي، تدهورت فيه الاوضاع السياسية، وتدنت الدراسات العلمية في مختلف الميادين العقلية والدينية والادبية، وكان حظ الفقه في هذه النكسة كبيرا فتم الاعراض عن الامهات والاقبال على المختصرات يحفظونها عن ظهر قلب خاصة بعد ان الف الشيخ خليل بن اسحاق المالكي المصري مختصره الذي اختصر فيه مدونة سحنون للمرة الثالتة فصار مختصر مختصر المختصر فجمع فيه مائتي صفحة فروع الفقه عباداته ومعاملاته، فسهل حفظ متن المختصر وصعب عليهم فهم معناه، فقضوا اعمارهم يحلون الغازه منشغلين بالقشور عن اللب.

وهذا ما جعل الفقه ونوازله يتحولان في عصر الانحطاط الى تقليد اعمى وتشبت مطلق بنصوص المختصرات، الا ان لكل قاعدة استثناء فعصر الانحطاط عرف نوابغ في مختلف الميادين كلسان الدين بن الخطيب الف الاحاطة وابن خلدون الف المقدمة وتاريخ العبر واحمد الونشريسي الف المعيار.

فيلاحظ تراكم كتب النوازل المغربية ابتداء من القرن الهجري العاشر فظهرت موسوعتان ضخمتان اولها المعيار المعرب لاحمد الونشريسي التلمساني الفاسي وثانيها النوازل الكبرى او المعيار الجديد للمهدي الوزاني الفاسي. الى جانب هاذين الموسوعتين الفت كتب اخرى كمعين الحكام في نوازل القضايا والاحكام لابن حسن التونسي والعقد المنظم للحكام فيما يجري بين ايديهم من العقود والاحكام للكناني الغرناطي توجد ممخطوطة جيدة منه بالقرويين. وغير ذلك من الكتب والمؤلفات التي تصب في النوازل والوقائع المستجدة.

والان ياخدنا الركب للانتقال الى المبحث الثاني والذي في خصائص النوازل الفقهية، فقسم هذا المبحث الى أربع نقاط اساسية ومعيارية:

الواقعية:
تتميز النوازل الفقهية بالواقعية لارتباطها بقضايا وقعت ونزلت بالفعل على اعتبار ان المذهب المالكي يرتبط بهذه الواقعية اشد ارتباطا فجاء الى الامام مالك رجل عراقي يسأله عن مسألة لا تعقل فقال مالك: “اسال عما يكون ودع مالا يكون”

فكثرت نوازل المذهب المالكي الذي ترتكز فلسفة فقهه على الواقعية.

التجدد:
فكتب النوازل كانت عادة ترتب حسب ابواب الفقه في العبادات والمعاملات الا انها تتميز بتجدد مضمونها بخلاف كتب الفقه العادية التي تظل ثابتة كما دونت اول مرة، او بعبارة اخرى كتب النوازل ترتبط بحياة الناس المتغيرة والمستجدة فتتغير الفتوى وتؤول النصوص حسب ظروف النازلة ومقتضياتها.

تنوع التاليف:
قال محمد حجي”بأن كتب النوازل تختلف شكلا ومضمونا، فمن حيث الشكل كتب يألفها الفقيه الذي كتب الفتوى وهو حال غالب كتب النوازل وبعضها يتركه المفتي مشتتا في اوراق او كراريس جمعها في حياته او بعد وفاته ابنائه او تلامذته.

اما من حيث المضمون فهي تحتوي على فتاوى مؤلفيها بالاساس فتضاف عليها فتاوى قليلة لشيوخ المؤلف واقرانه الذين عززوا رأيه واجابوا عن اسئلته ومناقشته في مسائل معينة وهذا كله خاص بفتاوى المرحلة الثانية اما المرحلة الثالتة بعض الكتب خاصة بالمؤلف لكن بعضها الاخر عبارة عن مجاميع فقهية تضم فتاوى فقهاء بلد او قطر معاصرين او سابقين اذ تكثر فتاوى المؤلف في هذه المجاميع او تقل حسب ضلاعته الفقهية واشعاعه في الافتاء وهذا يبين التنوع الحاصل في كتب النوازل.

الطابع المحلي:
كتب النوازل تتميز بالطابع المحلي فهي لا تبقى سابحة في المطلق كما هو الشأن في كتب الفقه عامة، وانما تتحدد مسائلها في المكان والزمان والموضوع بحب ماتأتي به الاسئلة التي تنبني عليها، وماتطرحه من مشاكل دينية واقتصادية واجتماعية.

-ملامح تاريخية واجتماعية:
تحدث محمد حجي في هذا الباب على بعض النوازل الحاصلة في الغرب الاسلامي وغيره من البقاع والتي تتأصل وترجع في كنهها الى المذهب المالكي وذلك راجع الى ان فقه النوازل يعرف بحيويته وارتباطه بالاحداث الواقعة المتجددة واستجابته لمتطلبات الواقع في مختلف الظروف والوقائع وبالتالي لم تعرف كتب النوازل الرتابة التي عرفتها كتب الفقه الاخرى، كما ان كتب النوازل المالكية انتشرت بشكل عظيم في الغرب الاسلامي وذلك راجع الى ظهور صنف جديد الى جانب الفتوى والاسئلة والاجوبة المعتادة.

والذي يجدر ذكره انه في المغرب ظهرت موسوعتان فريدتان في النوازل وهما”النوازل الكبرى أو المعيار الجديد لمحمد المهدي الوزاني الفاسي والمعيار المعرب والجامع المغرب عن فتاوى اهل افريقية والاندلس والمغرب لأحمد بن يحيى الونشريسي الفاسي والذي سيبني عليه محمد حجي القسم الثاني من كتابه.

-والان سنقف عند الشق التطبيقي من الكتاب “نظرات في النوازل الفقهية”وذلك في اعتماده على نوازل المعيار للونشريسي، فقسم ما استنبطه من هذه الموسوعة الى مجموعة الوقائع الحاصلة نذكر، لكن قبل الشروع في بيان هذه النوازل لابد من الوقوف عند كلام محمد حجي وعلاقته بكتاب المعيار فقال “ترجع صلتي بالمعيار الى مرحلة الطلب الاولى عندما كنت ادرس الفقه والاصول على يد فقهاء العدوتين، وتجددت صلتي بهذا الكتاب بعد انقطاع دام اكثر من عشرين سنة عندما اشرفت على تحقيقه ونشره بمناسبة مطلع القرن الهجري الخامس عشر بتعاقد مع وزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية المغربية ودار الغرب الاسلامي في بيروت. ”

الافتاء والشورى: تحدث هنا عن مسألة الافتاء والشورى في الغرب الاسلامي اذ انهما قاما على اساس متين من الفقه والاجتهاد في بلاد الاندلس وبلاد المغرب مع الفقهاء الرواد الذي اخدوا عن الامام مالك، فمثلا في مدينة طنجة وقع حوار بين فقهائها شارك فيه جماعة ممن ينتسب الى العلوم ويتميز عن العوام بالمحفوظ والمفهوم. أكثروا من الخوض في الاجتهاد والتقليد وان الفتوى تنتزع من الكتاب والسنة والاجماع والقياس وليست بالفقه المشهور ولكنها ثمرة معرفة الفقه ولاحظوا ان اقطار مالك رحمه الله قد عمها مالا ينبغي واستولى عليها الباطل لعلمنا ان ليس فيها امام نظار وهذه الطوائف قسمت الى:
-طائفة منهم اعتقدت صحة مذهب مالك تقليدا من غير دليل فأخدت نفسها بمجرد حفظ اقواله واقوال اصحابه في مسائل الفقه.
وطائفة اعتقدت صحة مذهبه بما بان لها ايضا من صحة اصوله فاخدت نفسها بحفظ مجرد اقواله واقوال اصحابه في مسائل الفقه وتفقهت في معانيها.
وطائفة اعتقدت صحة مذهبه بما بان لها من صحة اصوله التي بناه عليها.
-الاحباس:
الاحباس والاوقاف من اعمال البر الخالدة التي تهم مرافق المجتمع الاسلامي في جميع الاعصار والامصار، فتطرقت النوازل الى تحبيس السلاطين ومسغرقي الذمة، وكذا تعهد المساجد واستصلاحها كلما احتاجت الى ذلك وان لم يكن لها من اوقافها ما تستصلح به يسلف لها من وفر مساجد اخرى، وانها لا تهدم ولا تنقل الى مكان الا عند اقصى الضرورة، كأن ينقطع العمران من حولها وكذلك العقارات المحبسة على المساجد لا تباع ولا تعوض الا اذا انقطعت منفعتها اصلا، الى جانب هذا اتى باحباس المساكين المرضى وقال هو نوع مباشر كسائر الاحباس، وحبس مرجع لحبس آخر كالحبس المعقب على البنين والبنات والاحفاد اذا انقرضوا رجع حبسهم على المساكين، وهو اكثر من الحبس المباشر. وفي المعيار نازلة سئل عنها القاضي ابن سهل تتعلق بيهودي حبس على ابنته الصغيرة عقارا وعلى عقبها فاذا انقرضوا رجع حبسا على مساكين المسلمين، وحاز اليهودي العقار لابنته الى ان تبلغ مبلغ الحوز لنفسها.



-الحاضرة والبادية:
هنا تحدث عن التواصل بين الحواضر بحيث تعددت مشاهد الحاضرة والبادية في نوازل المعيار وفيها على العموم تواصلا بين حواضر الغرب الاسلامي بعدويته خلال العصر الوسيط، فكثير من اهل عدوة المغرب الجنوبية يتوجهون الى الاندلس للدراسة او لاتمام الدراسة ثم يعودون الى بلادهم ليضطلعوا بالخطط الدينية والمدنية، ومنهم من يبقون هناك وتسند اليهم مناصب عليا كالقضاة الطنجيين وكالقاضي عياض السبتي الذي تولى القضاء للمرابطين في غرناطة وبقت صلته متينة بفقهاء الاندلس.

-التربية والتعليم:
يحتوي كتاب المعيار على نوازل كثيرة من بينها تعليم الصبيان القران في الحواضر ومايلقنه المعلم لهم، واجرته المتفق عليها والمسكوت عنها واجاب القابسي عن صفات المعلم وطريقة ضربه للصبيان فقال انه ينبغي ان يكون مهيبا لا في العنف ولا يكون مغضبا ولا عبوسا ولا مبسوطا، مرفقا بالصبيان دون لين وغير ذلك من النصائح التي تم توجيهها للمعلم الجاد في عمله.

-الارض في البادية:
في البادية تدور اكثر النوازل حول ملكية الارض واصنافها وهنا جاء بمسألة منع النساء من الميراث وهي مسألة عم بلواها وعميت عن السؤال فتواها اذ تم منع النساء من الميراث من القرن الخامس الى هلم جرا.

-التجارة والصناعة:
ذكر بان الغرب الاسلامي تميز بالتجارة في العصر الوسيط الذي هو موضوع نوازل المعيار بسعتها وشمولها فكان التجار في الشمال ينتقلون بين المراكز التجارية في بلاد المغاربة والاندلس ببضائعهم لمدد قصيرة او طويلة، وقد يستقر بعضهم في مدينة خارج قطره تروج فيها بضاعته او يجد فيها شريكا نشيطا، او يقيم فيها متلقيا لعا ومصنوعات يبعث بها اليها تجار من مسقط رأسه او من غيره. وكانت الصناعات التي ازدهرت ذلك الوقت هي الحرير عن طريق تربية دود القز والتوسع في غراسة اشجار التوت

-الزراعة والمياه:
في هذه المرحة ذكر حياة البادية التي تقوم اساسا على زراعة الحبوب والقطاني والمقاتي وغراسة الاشجار وكان ذلك حسب القواعد الشرعية والنصوص الفقهية المالكية التي يستضهر بها الفقهاء في فتاواهم والقضاة في احكامهم.

وفي الختام انهى كتابه بالاشارة الى كتاب المعيار الذي اعتمده محمد حجي وقام بتحقيقه يضم نوازل حدثت في الغرب الاسلامي بعدوتيه المغرب والاندلس على امتداد سبعة قرون مبرزة وحدة المذهب المالكي من خلال اجتهادات فقهية متجددة ومتباينة وهذا راجع الى ماتم الوقوف عليه من نوازل خاصة بالحضارة والتجارة والاراضي والتربية والتعليم وغير ذلك، والذي يجدر ذكره مااتى به في اخر كتابه من ذكر اهم المصادر والمراجع التي يرجع اليها كل من اراد التضلع في هذا العلم منها:

معيار الاختيار في غريب الحديث والاثر لابن الخطاب لسان الدين
المعيار الجديد الجامع المغرب عن فتاوى المتأخرين من علماء المغرب لمحمد المهدي
وكتاب المعيار المعرب والجامع المغرب عن فتاوى اهل افريقية والاندلس والمغرب لاحمد الونشريسي.
هذا ما تم بحمد الله وعون منه الوقوف على كتاب النظرات واستقراء جزئياته، وذلك لمقصد الإحاطة بمادة النوازل ومعرفة تطلعاتها وضوابطها وشروطها فكان هذا الكتاب خير مرجع وخير معين أفهم منه معنى النوازل الفقهية وملاحمها التاريخية وبعض نماذجها استعانة بكتاب المعيار للونشريسي وكذا استبصار مجموعة من المصادر والمراجع التي لها صلة وثيقة بعلم النوازل.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
محمد الطيب الوزاني

محمد الطيب الوزاني


المساهمات : 198
تاريخ التسجيل : 24/03/2018

المهدي الوزاني Empty
مُساهمةموضوع: رد: المهدي الوزاني   المهدي الوزاني Emptyالجمعة 11 يونيو 2021 - 12:44

ما الفرق بين المفتى به وما عليه العمل والمعتمد عند المالكية؟

ـ[أبو عبد الله الزاوي]ــــــــ[20 - 10 - 09, 01:40 م]ـ
ـ ما الفرق بين المفتى به وما عليه العمل والمعتمد عند المالكية؟ بارك الله فيكم اصطلاحات يجدها الطالب في كلام العلماء المالكية.

ـ[أبو عبد الله الزاوي]ــــــــ[27 - 10 - 09, 05:00 م]ـ
للرفع.

ـ[أبو حاتم يوسف حميتو المالكي]ــــــــ[28 - 10 - 09, 02:51 ص]ـ
قال الشيخ العلامة البحر الفهامة المهدي الوزاني رحمه الله:
" .... فإنا نطلق القول المشهور على الراجح، والراجح على المشهور، ولا نعتبر هذا الفرق أصلا، فالقول إذا كان معتمدا في المذهب يسمى بالراجح وبالمشهور، من غير فرق بين قوة دليله وكثرة قائله، قال الزرقاني على قول المختصر: " وحيث قلت خلاف فذلك للاختلاف في التشهير" ما نصه: " بلفظ المشهور في كلام أهل المذهب أو غيره كظاهر المذهب أو الصواب، أو الظاهر، أو الراجح، أو المفتى به أو الذي عليه العمل، أو نحو ذلك، قاله الحطاب، ومثله في الخرشي وجسوس". رسالة في إثبات استحباب السدل وكراهة القبض على المشهور للشيخ المهدي الوزاني.

ـ[النقاء]ــــــــ[28 - 10 - 09, 03:32 ص]ـ
في هذا الشأن استفدت من كتاب صناعةالفتوى لشيخنا المفضال:عبد الله بن بيه حفظه الله، فهو -كما أزعم- كالفهرس للمذاهب.
وتجد في الكتاب نظم الطليحة مع زيادات والد المؤلف وهو (الشيخ المحفوظ بن بيه) رحمه الله، ففي النظم والزيادات مع أصل النظم وهو ((نور البصر)) للهلالي المرجع في الترجيح والإفتاء، وفيه مثل ما ذكرت من المصطلحات.

وهذه مقتطفات من الكتاب، أرجو أن تشوقك لتصفحه:
ص114: وحقيقة إجراء العمل: أنه الأخذ بقول ضعيف في القضاء والفتوى، من عالم يوثق به، في زمن من الأزمان، ومكان من الأمكنة، لتحقيق مصلحة أو لدرء مفسدة، وقد يكون مسايرة لعرف أو مجاراة لرأي من له الأمر، كما جرى عمل أهل قرطبة برد عمل السفيه قبل الحكم عليه بالسفه بأمر من بعض الأمراء، قال في ((نظم العمل)):
ثم بقرطبة الرد جرى عملهم بأمر بعض الأمرا
إذن فالعمل الفقهي القطري من خصائص المذهب المالكي، حيث رجحوا به الضعيف وصححوا به السقيم. أ. هـ

ونظم في الطليحة شروط تقديم ما عليه العمل ابتداء بقول:
شروط تقديم الذي جرى العمل به أمور خمسة غير همل .... الخ

ص124: ... ومحل الشاهد: أن عبارة استقرار الفتوى بين أئمة خوارزم إنما هو نوع من إجراء العمل. أ. هـ

ـ[النقاء]ــــــــ[28 - 10 - 09, 03:45 ص]ـ
وهذا كتاب أيضا مهم وهو رسالة علمية في اصطلاحات المذاهب، بيانات الكتاب:
(مصطلحات المذاهب الفقهية، وأسرار الفقه المرموز في الأعلام والكتب والآراء والترجيحات)، مريم محمد صالح الظفيري، دار ابن حزم، لبنان بيروت، ط1، 1422هـ-2002م

ملخص ما يفيدك منه:
المعتمد: هو القوي سواء كانت قوته لرجحانه أو لشهرته. (بلغة السالك لأقرب المسالك، الصاوي،1/ 15)

المفتى به أو ما به الفتوى: يعني القول الراجح أو المشهور، فلا يفتى إلا بالرجح أو المشهور أما الشاذ والضعيف فإنه لا يفتى به، بل يقد عليه العمل بقول الغير ت أي ما صح عند غيرالمالكية. (جامع الأمهات - مخطوط ورقة 33 أ)
مقيدته: وهذا مستدرك بما قرره ابن بيه من علماء المذهب في صناعة الفتوى، من شروط جواز العمل بالقول الضعيف، فيراجع.

الذي يجري عليه العمل: أن يصحح أحد شيوخالمذهب المتأخرين قولا غير مشهور و لا راجح فيفتي به ويعمل به وتجري الأحكام بناء على تصحيحه، وذلك مراعاة لمصلجة عامة أو للعرف أو لأن الأخذ بهذا لارأي أرفق بالناس أو لدرء مفسدة. (يراجع: منار السالك للرجراجي:47 و ما بعده، نشر البنود: عند قوله " وقد الضعيف إن جرى العمل ... ،) لتتعرف على الشروط المجيزة لتقديم القول الضعيف على المشهور في المذهب المالكي.

وفقك الله أخي، وفتح عليك، ولا أخفيك أني أستفدت من سؤالك،بحثا وفقها.

ـ[أبو عبد الله الزاوي]ــــــــ[29 - 10 - 09, 04:58 م]ـ
بارك الله فيكم.

ـ[أبوخالد النجدي]ــــــــ[09 - 11 - 09, 10:12 م]ـ
المفتى به أو ما به الفتوى: يعني القول الراجح أو المشهور

فما قولكم -غفر الله لكم- في هذا النص من حاشية الدسوقي:

حاشية الدسوقي - (4/ 318)
((قوله (والمختار) أي عند اللخمي وهو مذهب المحققين كابن العربي وابن رشد كما في خش
قوله (والأكثر على خلافه وأنه يحد) أي مطلقا سواء انتشر أم لا كما في ابن عرفة والشامل وظاهره أنه يحد على قول الأكثر ولو كانت هي المكرهة له على الزنا بها وهو كذلك إلا أنه لا صداق لها عليه إذا كانت هي المكرهة له وإن أكرهه غيرها غرم لها الصداق ورجع به على مكرهه ومحل الخلاف إذا أكرهه على الزنا بها وكانت طائعة ولا زوج لها ولا سيد وإلا حد اتفاقا نظرا لحق الزوج والسيد وإلى أنها مسكينة لا يجوز أن يقدم عليها ولو بسفك دمه
قوله (وهو المشهور) أي لكن الذي به الفتوى ما قاله اللخمي وهو الأظهر في النظر ا هـ شيخنا عدوي))

فقد فرق بين المشهور والمفتى به، فأيهما المعتمد في المذهب؟

وفقكم الله

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
المهدي الوزاني
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» المهدي الوزاني

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مؤسسة مولاي عبد الله الشريف للتنسيق :: القسم الثقافي :: ابحات ودراسات-
انتقل الى: