مؤسسة مولاي عبد الله الشريف للتنسيق
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
مؤسسة مولاي عبد الله الشريف للتنسيق

منتدى للتواصل وجمع الشمل, وفضاء للتنسيق واحياء التراث.
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  
باسم الله الرحمان الرحيم ﴿ اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾

 

 إبداع قصصي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
محمد الطيب الوزاني

محمد الطيب الوزاني


المساهمات : 190
تاريخ التسجيل : 24/03/2018

إبداع قصصي Empty
مُساهمةموضوع: إبداع قصصي   إبداع قصصي Emptyالإثنين 29 نوفمبر 2021 - 15:09



إبداع قصصي :

إبداع
الإصابة

ق ق ج


وقفت أمي هنيهة بجوار سريري ، ثم انحنت لتكلمني ،

متحسسة حرارة صدغي .

سألتني ...

فأجابتها قشعريرة تسري بين أوصالي ، مع اصطكاك أضراسي .

نابت عني لما أفقدتني القدرة على النطق .

-قالت خذ قسطا من الراحة .وسنتدبر حالتك غدا ...

حاولت احتواء رأسي بدراعي لأخفف من حدة آلام

تمزق هدوء البيت وتعصف براحتي .

تيقن الجميع أن الوباء تسلل الى بيتنا .

فلاذ الجميع بذرائع الفرار من القدر .

إلا أمي التي لازمتني إلى أن أكد الطبيب

أنها مجرد نزلة برد سليمة عابرة.
2 ــــــــــ
قرار

ق ق ج


خوفاً من أن تلحق به الذئاب...

ركب حمارَه معكوساً...

سار به الحمار إلى حيث كان خائفاً.
3 ـــــــــ
من أعلام العلماء المغاربة
عبد الواحد بن عاشر 1
(990 هـ - 1040 هـ)
هو أبو محمد عبد الواحد بن أحمد بن علي ابن عاشر الأنصاري،
المعروف بابن عاشر، وهو من حفدة الشيخ أبي العباس ابن عاشر السلاوي (ت765هـ).
عالم دين مسلم من المغرب. يعد من أبرز علماء المذهب المالكي واشتهر بمنظومته
"المرشد المعين على الضروري من علوم الدين" والتي نظم فيها الفقه المالكي،
بالإضافة إلى باب العقيدة والتصوف، والتي تعد مرجع مهم عند علماء المذهب المالكي.
وساهم ابن عاشر في توفير الغطاء الشرعي لحركة المجاهد العياشي
ولادته ونشأته
ولد بمدينة فاس عام 990هـ/1582م، وسكن بدار أسلافه الكبرى بحومة درب الطويل
من فاس القرويين. بدأ تحصيل علومه بحفظ القرآن الكريم، فقرأه على يد الشيخ
أبي العباس أحمد بن عثمان اللمطي، وأخذ القراءات السبع على يد الشيخ أبي العباس الكفيف،
ثم على الشيخ أبي عبد الله محمد الشريف التلمساني(ت1052هـ)،
كما أخذ الفقه عن جماعة من شيوخ عصره، أمثال:
أبي العباس ابن القاضي المكناسي (ت1025هـ)،
وابن عمه أبي القاسم، وابن أبي النعيم الغساني،
وقاضي الجماعة بفاس علي بن عمران،
وأبي عبد الله الهواري،
وقرأ الحديث على العلامة محمد الجنان(ت1050هـ)،
وعلى أبي علي الحسن البطيوي،
وكان يتردد على الزاوية البكرية، فأخذ عن علمائها المبرزين،
وحضر مجالس محمد بن أبي بكر الدلائي(ت1046هـ) في التفسير والحديث.
رحلته إلى المشرق
رحل إلى المشرق، فأخذ عن الشيخ سالم السنهوري (ت1015هـ)،
وعن الإمام المحدث أبي عبد الله العزي،
وعن الشيخ بركات الحطاب، وغيرهم،
وحجّ سنة (1008هـ)، فالتقى بالشيخ عبد الله الدنوشري،
وأخذ التصوف عن العالم العارف ابن عزيز التجيبي (ت1022هـ).

4 ـــــــــ
مميزات القصة القصيرة جدا
منها أنها :
كلما ضاقت العبارة اتسعت الرؤيا .
وبتعبير آخر : الاختزال المبني على رؤية الفضاء الخارجي ،
وخلق حالة من التوتر قادرة على عمل القلق .
لحظة التنوير .
وتسعى إلى توليد الدهشة في ذهن القارئ
باسرع ما يمكن اعتمادا على تكتيكات لغوية خاصة ،
فتمتاز بالكثافة العالية فضلا عن تسارعها الحاد باتجاه النهاية . .
والكثافة هي شحن الكلمات بأكثر ما يمكن من المعاني
والتعبير عنها باكثر ما يمكن من الافعال باقل ما يمكن من المفردات
وهذا لا يتاتى الا بلغة الشعر .
وان اهم ركن هو ان يعمد القاص إلى رسم شخصياته وهي تفعل ،
ولا يخبرنا هوعن أفعالها .... فكثرة الافعال تعني كثرة المعاني وكثرة الاحداث .
ويمكن اعتبار القصة القصيرة مجرد ومضة،
بالاضافة إلى شعرية اللغة القائمة على
التناظر ما بين الايقاع الداخلي والموسيقى الخارجية .
وكذا شدة الاهتمام بعنصر المفاجأة .
5 ــــــــ
السجين
في طريق عودته الى البيت محملا ببعض الأغراض والمؤن،
اعترض طريقه جنود مدججون،
نقلوه الى زنازن السجن بإحدى واحات الصحراء ،
مكث به سنوات .
من شدة رطوبة المكان كثرت أمراضه وتنوعت علله .
يعد الوقت بالثواني واللحظات .
لم يعرف طعم الراحة ، منذ صك أذنه صوت الجلاد :
أنه مدان بالخيانة العظمى .
بدا وكأنه لا يهمه ما لفق له .،
إنه شاب نشيط ، صحفي موهوب لا يخشى في الحق لومة لائم .
يعتز بما يعتبرونه جرما لا يغتفر .
نسيه الحراس وزوار الليل كما يئس منه أهله وأصدقاؤه وكل بني جنسه .
الصدفة وحدها ساقت يد جلاده فكشفت عن أن هذا السجين غير مدان .
ألقي به مع بقايا أمتعته ، خلال عتمة الدجى خارج السجن .
التفت يمنة ويسرة . لا يرى ولا يسمع ولا يعرف أحدا .
كل بقع الأرض موطن له. جميع من يدب على وجهها أهله وإخوته .
6 ــــــــ
فقد صوابه
ق ق ج
في غبطة عارمة
اعتاد يوميا عد ماله وتصنيفه .
هبت رياح التشذيب ..
فقد منصبه ومداخله ، ثم صوابه .
استبدل المال بالرمل والتراب ....
أخذ يحثو الحصى منتشيا
بصلصلته وانسيابه.
7 ــــــــ
اختناق
ق ق ج
اعتدت المرح بين أحضان الظلال الوارفة
اليوم ضاعت مني البوصلة، فعزالرحيق
وطفح كيل لظى العيش،
استسلمت قسرا للفح السموم ومصير
الاختناق .
8 ــــــــــ
من أهم عناصر القصة القصيرة جدا:

العنـــــــــوان : ضروري، وينبغي أن يكون مضيئا لمعنى النص وشاحنا للرؤى والدلالات.
التكثيــــــــف : باعتماد جمل قصيرة ومركزة تتسع دلالاتها مع كل قراءة...
الشخصيــات : إذ لا حكاية بدون شخوص ( إنسان ، حيوان ، نبـــات ...)
الشعريـــــــة : لتوليد الدهشة في ذهن القارئ بواسطة التلاعب بالنظام اللغوي.
المفارقــــــة : لإظهار التناقض بين طرفين كانا من الممكن أن يكونا متفقين...
الزمــــــــان : لإبراز التغيرات في المكان والشخصيات.
الوحـــــــدة : الاقتصار على حدث واحد ...
القفلــــــــة : يستحسن أن تكون موجعة وصادمة...
9 ــــــــ
الورم

ق ق ج


رعته لقيطا ،
أعدته مارقا
بثته بين أضلع شاخت من الوهن .
ترعرع ورما ،
اكتسح جسم الأمة بأسرها .
10 ـــــــ
داء المروق
ق ق ج
تاه عنهم بعتمة الفلق ، لما
نخر الأحشاء داء المروق .
جاب وحده جوف الحقول .
نقل لها شذى فحيح الشروق .
عم عطره كل الدروب، فتماثلت .
للتخلص من الداء الدفين.
محمد الطيب الحواط
11 ـــــــ
أنين الخطى
في الطريق
يسمع حوله
أنين خطواته المتعبة المترهلة .
يرى على مد البصر
شباك الصيد في المياه العكرة .
يود هجر
الذين يكذبون كما يتنفسون .
والفرار
ممن يغتالون البسمة ومن دمائها يمتحون .
خارت قواه
فخر على ركبتيه
بحافة بركة بركانهم المسجور .

الحواط
12 ــــــــــ
لسان الحال



نتوق لنيل السؤل
بلطمة حظ. ..
وفك القيد
بحفنة دمع وحسن استجداء.
لاح الهوان ، دنا موعد استئصالنا ووأد الأطلال.
فصحنا همسا، مطالبين بقبر فسيح وكفن جديد
يناسب مقام الكبرياء ...
13 ـــــــــ
الدولب يدور
ارتقى سلم العيش بسرعة البرق ،
أخذ يطل .
يتباهى . يبذر . ينتقم .
نسي أن الدولب يدور، فوقع .
14 ـــــــــ
القطيعة
ق ق ج
أخذ مكانه داخل الحافلة بين الناس .
مد جسر الذكريات فخطا نحو العتمة .
فجعته الأحداث .
انخرط في البكاء .
هشم الجسر بما عليه وما حوله .
هوت ذكرياته نحو قعر سحيق
15 ــــــــ
الجذع



ق ق ج



مر الفتى بجذع هرم متكئ على أذرع
امتصت الحياة من تراب باب المقبرة .
فأرسلت براعم ناعمة خضراء ، تتمايل .
نحتت على وجه الجذع أسماء وألقاب زوار مروا، وكانوا ...
تهجى الحروف كلها باهتمام .
وقف مشدوها متأملا ، ثم خر مغشيا عليه .
16 ـــــــــ
التضحية
ق ق ج


على شاطئ البحيرة الهادئة ، جلست مع أهلي نتدبر ..
فاجأنا تمساح صغير ينقض على طفلة بجانبي .
أمسك بتلابيب قميصها . أخذ يحاول نقلها إلى الأعماق .
مكنته من دراعي ليتلهى بقضمه وأفك قريبتي من قبضة فكيه .
17 ـــــــــــ
الفتى المدلل

أقصوصة


الفتى المدلل نشأ ببيت فسيح بين أحضان أسرة ثرية محافظة ،

أبوه شيخ هرم ،أمه فتاة جميلة زفت الى بيتها في ربيعها العشرين .

تزوجها رابعة بعد طلاق اثنتين . عاش الفتى بين إخوته من أبيه ،

مضايقا مستفزا .

إنه الشريك الطارئ ، ابن الزوجه الفاتنة المفضلة .

فرضت عليه حالة التهميش .

باستثناء أمه التي عملت على تنشئته على فضائل العائلة ومقدساتها، وأبيه الذي حاول مرارا الزج به رغم صغر سنه ليكون إلى جانبه في معالجة القضايا الكبرى والمساهمة في حل المشاكل الطارئة .

قاوم بثبات وأناة .

عمل على تجاهل النظرات المريبة ،

حاول التظاهر بالغباء .

إلى أن طفح الكيل حين زوجه أبواه بقريبته لأمه .

فتفاقمت ألوان المكر وتلونت ،

قرر التوقف عن الدراسة والاشتغال بعيدا عن البيت والأسرة .

تردد كثيرا قبل مغادرة البيت .

يعد العدة للفرار .

بنظراته الصامتة المفزوعة يودع كل حين أبويه وزوجته ،

بيد مرتعشة يقطف ورودا ويلتقط أزهارا غطت بساط الحديقة الغناء التي يزهو بها فناء البيت .

بعين شاخصة يجول عبر الفضاءات

يتأمل الأثاث .

يتتبع خطوط وألوان زخرفة السقوف والأبواب والنوافذ ، وكأنه يراها لأول مرة .

يلتقط بنظراته صور مرافق الدار وحدائقها ، لتأثيثها بمختلف الذكريات ، وتكون له مؤنسا في غربته ،

وليتمكن من استرجاعها متى اشتاق الى أهله .

باح بسره لأبيه يطلب الّإذن بالسفر ،

فعلمه بعض خصومه .

قبيل رحيله تآمر عليه الماكرون من أفراد أسرته .

تحايلوا واستدرجوه الى القبو المظلم الفسيح

المخصص للمتلاشي من الأثاث .

شدوا وثاقه بركن مهمل .

ادعوا سفره إلى مكان بعيد .

ولما نقلوا إليه بعض بقايا الطعام ليسد رمقه ، لم يجدوا سوى

بقايا القيد وشظاياه المتناثرة بالمكان ...

[/frame]
18 ــــــــــ
فقد صوابه


ق ق ج


في غبطة عارمة .
اعتاد يوميا العد والتصنيف .
يحرص على تراكم ما يكتنز .
من شدة حرصه
فقد صوابه .
خرج هائما .
استبدل الكل بالرمل والتراب ....
وجدوه يحثو الحصى على رأسه
منتشيا بصلصلته وانسيابه
19
ــــــــــــ
المعاناة
صباح أول يوم بعد عطلة نهاية الأسبوع . داخل قاعة الدرس بمدرستي
قلت في نفسي :
ليتها تجاهلت تواجدي لأضع رأسي فوق الطاولة ، أشعر بهدير عميق يدوي بين صدغي ، ينبعث من جذور دماغي ويحاول الانفلات عبر ناصيتي .
تصيح المدرسة مرة أخرى .انتبهي سارة إنك منشغلة عن الدروس منذ مدة .
إني محتارة بين اختيارين بعد اعتذاري لها :
إما أن أتنحى خلف الصفوف وأتفرغ لتتبع الوخزات المؤلمة المنبعثة من جمجمتي ، أو أغادر قاعة الدرس . إني - بصدق - غير قادرة على المتابعة والتركيز .
صوتها وهي تقرر وتستنبط كأنه نعيق يلهب مسمعي ويغذي محنتي
وإن رفضت ... ما العمل ؟
أعتقد أنها ستفسر طلبي محاولة للهروب والتخلص ..
سبق أن رفضت لزميلات معي نفس الطلب .
إنها صارمة قاسية .
لعل ظروف عيشها ، وفشلها في بناء أسرة، تحول دون تحليها بالشفقة والتسامح والحنو .أو أنها مصرة على إنقاذ الأجيال المستهدفة ، من الضياع .
نفذ صبرها أمام إصراري على تجاهل ندائها ، فزمجرت ورددت كلمات لم تصلني إلا نبراتها الجافة .
اشرأبت أعناق زملائي وتوجسوا شرا .
بسرعة البرق استرجعت ، لما حرمت أحد تلاميذها من حضور حصصها لكونه - آنذاك - ادعى أنه نسي تحضير وإنجاز واجبات البيت .
فما عساها ستقرر اليوم في حقي ؟
لا يهمني ، إنني لست مدعية ولا متظاهرة ، ولا أعرف ما الذي ينتابني.وخاصة هذه الأيام .
وقفت هنيهة بجوار مقعدي ، ثم انحنت لتكلمني ، متحسسة حرارة صدغي .
سألتني ...
فأجابتها قشعريرة تسري بين أوصالي ، مع اصطكاك أضراسي . نابت عني لما أفقدتني القدرة على النطق .
-خذي قسطا من الراحة بقاعة التمريض .
وقبل انصرافك من الدرسة كلميني لأطمئن على صحتك .
استغرب الجميع قرارها ، وأسرعت أنا بالانصراف قبل أن تغير رأيها .
كلفت من يساعدني فولجنا قاعة صغيرة على بابها : مصحة المدرسة .
حاولت احتواء رأسي بدراعي لأخفف من حدة آلام تمزق هدوء القاعة وتعصف براحتي .
مكثت زهاء ساعة لا ألوي على شيئ، استعرضت خلالها شريط أحداثي :
لم أنعم بالراحة ولا بالنوم منذ مدة .
أعيش حالات القلق والكآبة ووهن الأعصاب .
تنتابني أحيانا هستيريا الخوف من المجهول .
لا أتبين مصدرها ولا مدى خطورتها ، وإنما أتوجس الهلاك المحقق .
التقط سمعي طرقات غائرة على الباب ، ثم خطوات متلاحقة تتقدم نحوي ، إنها معلمتي .
وجدتني سابحة بين خراطيم عيني وأنفي وفمي ، منكفئة على ركبتي ككومة رمل صبت من عل .
خاطبتني باسمي وحركتني برفق من كتفي .
أجبتها بإشارة من سبابتي .
حاولت مساعدتي للجلوس .
رقت لحالي. نقلتني إلى مكتب إداري .
وقالت :
خفيفة ... خفيفة
أجبتها بصوت خافت متهالك :
-أعاني من انهيار كامل ، وآلام حادة متفرقة ... مع الإحساس بحالة غريبة :
كأني ألقيت من رأس جبل شاهق ، ولا زلت أهوي وأتجه نحو قعر سحيق .
جلست بجانبي وتناولت رأسي وأسندته إلى صدرها .
شعرت بدفء منعش .
قالت :
-متى بدأ إحساسك بالألم ؟
-لا أستطيع التحديد ، كل الذي أتأكد منه أني أعاني بسببه من الأرق والاضطراب .
- منذ متى ؟
-منذ أزيد من ثلاثة أشهر .
- هل تخشين شيئا محددا ؟
- أخشى أشياء عدة وعلى رأسها .. .. تلعثمت ولم أكمل حديثي ....
فغيرت صيغة التساؤل .
- هل تفكرين قبل نومك في حالة أو حدث بعينه ؟
- والدتي .. أخي ... أبي ... وأجهشت بالبكاء .
والدتك وأخوك خرجا لقضاء بعض المصالح ولم يعودا . نتوقع وصول أخبار عنهما .
ــ فأجابت : لكن أمي تكلمني يوميا قبل وبعد منامي .
لا زلت أذكر أن عللها متفاقمة ولا تقوى على قضاء الليالي تحت الخيام .
إنني أقتسم معها فراشها من الورق المقوى وغطاءها القصير المترهل . أتألم لألمها وأبكي لتضورها وأرقد بجوارها .
صوتها يدوي في مسمعي إلى الآن ، وكذا أنينها وتوسلاتها وأوامرها ورغباتها
هاهي إلى الآن تارة تناديني وأخرى تصيح في وجهي ، وثالثة تحتضنني وتربض على رأسي بحنان متدفق يملأ جوانحي .
أشاهدها كما أشاهد أخي ، وأكلمهما كلما أغمضت عيني . لا أستطيع تصور أنهما غادرا نحو المجهول .
والذي يؤرقني كثيرا هو أبي الذي اقتيد من باب البيت أسيرا نحو مكان غير معروف .
فبادرت المعلمة : إنه واقعنا المرعب الذي علينا أن نعيشة رغما عنا .
وهي وقائع قمينة بإحداث ما تشعرين به ، لقد عايشت ونعايش جميعا أحداثا ومصائب يشيب لهولها الولدان .
إننا نعاني مثل ما تعانين . ولكننا نتجاهل الألم من أجل الاستمرار .
لفتني من جديد بذراعيها وأخذت تردد بصوت مخضب بزفرات الأسى مبلول بدموع الحسرة والحزن :
خفيفة ... خفيفة ... ستفرج قريبا .
سألتها إحدى العاملات بإدارة المؤسسة .فقالت :
إننا جميعا نعاني مما تعاني هاته . غير أنها ضعفت أمام الصراع الانفعالي الذي ولد لديها ضغوطا نفسية متراكمة . تغذيها ــ للأسف ــ وتزكيها باستمرار تصرفات جيرانها وبعض أبناء عمومتها .
محمد الطيب الحواط
20 ـــــــــــ
























































































الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
إبداع قصصي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» إبداع

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مؤسسة مولاي عبد الله الشريف للتنسيق :: القسم الأدبي :: ابداع الأعضاء :: خاطرة-
انتقل الى: